المحقق الصرخي : الإمام الكاظم لم يكن سياسيا بالسياسة الدنيوية
سليم العكيلي
ان هاجس الخوف والقلق وعدم الراحة الذي كان يعتري خليفة المسلمين انذاك هارون الرشيد العباسي ، مع كثرة ما كان يملك من الخدم والحشم والسطوة والسلطة والبلدان التي كانت تحت تلك الخلافة المسلوبة من اهلها ، وحديثه المعروف مع الغمامة دليل على سعة البلدان والممالك التي كان يحكمها ، حيث كان يخاطب الغمامة ويقول لها ( ايتها الغمامة اذهبي حيث شئتي ، فأن خراجك عائد الي ) ، حيث كان يرى ان منافع تلك السحب وامطارها ونتاجها عائد اليه وتحت تصرفه ، لكن مع هذا كله من الملك والثروة والسلطان لم تكتمل لديه السعادة الدنيوية كما يريدها ، حيث كان ينقصها عنصر واحد وهو ( عنصر الامان او الاطمئنان ) ، وهذا العنصر لايحصل عليه الانسان لا بطرق الترغيب ولا بطرق الترهيب ، وربما يخضع لديهما بعض الناس بظواهر اعمالهم وطاعتهم للخليفة ، ولكنه كان يرى الامان والاطمئنان كله متمثل بشخص واحد يراه امام ناظريه كيف تهوى اليه القلوب وتأنس بوجوده النفوس وتتبرك بتراب اقدامه الناس ، وقد كان ذلك الامان يسير على الارض وتتشرف بخدمته الجن والانس والملائكة ، وهو ذلك التقي النقي الطاهر العالم الصابر سيدنا ومولانا الامام موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، وقد كان يرى الخليفة ان طريقة الترغيب والترهيب لاينفعان مع الامام لانه رجل عابد زاهد صابر مجاهد ، فاتخذ من الجريمة وتصفية الامام سبيلا للوصول الى الامان والاطمئنان ، لذلك اعتقله وكان ينقله من سجن الى سجن ومن طامورة الى طامورة وابعاده عن احباءه وشيعته ومواليه ، لانتهاز اسرع فرصة ممكنة لتنفيذ المخطط وقتل الامام (عليه السلام) ، رغم ان الامام ( عليه السلام ) وكما وصفه المحقق والمرجع الديني السيد الصرخي قي كتابه نزيل السجون بقوله : ( لم يكن سياسيا بالسياسة الدنيوية , ولم يكن قائدا عسكريا كقادة الجهاز الحاكم الظالم ,ولم يكن مسؤولا او زعيما لجناح مسلح .. كعصابات السلب والنهب وسفك الدماء والارهاب ,, ولم يكن منتهزا وصوليا عابدا للمناصب والواجهات كالمنتفعين الوصوليين العملاء الاذلاء في كل مكان , بالتاكيد فانه لا يمثل جهة وحزبا معارضا , كالاحزاب المتصارعة على الدنيا والمنافع الشخصية الخاصة . كان اماما تقيا نقيا زاهدا عابدا ناسكا مخلصا عالما عاملا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر..... اذن لماذا هذا العداء والنصب والبغضاء؟!) ، اذا ومن خلال هذه الجريمة العظمى التي ارتكبت بحق ولي من اولياء الله وامام معصوم مفترض الطاعة من قبل طاغية من طغاة الحكم والاستبداد هارون الارشيد ، نستنتج بان الطغاة وطلاب الحكم لا يترددون ولا يتهاونون في ارتكاب أي جريمة او مجزرة بحق شعوبهم او شعوب العالم او بحق علماء زمانهم او بحق كل مؤمن او مؤمنة وبحق كل شريف ووطني مخلص لبلده من اجل بقاء ملكهم ومناصبهم وثرواتهم وواجهتهم ، ولكل زمان ائمته ولكل زمان طغاته ، الا فلعنة الله على الظالمين . وسلام عليك ياسيدي ومولاي ياموسى بن جعفر .