المحقق الصرخي .. الشباب المتظاهر المثابر المضحّي صار مثالًا وقدوةً حسنة للشباب والتظاهرات في مختلف بلدان العالم
سليم العكيلي
لقد أخذت التجارب والمشاهد المأساوية التي عاشها ويعيشها أبناء الشعب العراقي طيل أيام تلك السنوات السبعة عشر الماضية من ظلم وضيم وقبح وفساد وإفساد وعدم المبالات ، ترسم في أذهانهم وأمام أعينهم صور الحاضر الذي يعيشونه ، وكابوس المستقبل المرعب المميت الذي ينتظرهم وينتظر أبنائهم وعوائلهم ، فالمرحلة التي وصلت في العراق وسياسة وساسة العراق ، لايمكن أن يتحملها أي شعب من الشعوب ، لذلك فقد خرج اليوم أبناء هذا الشعب تقوده الشباب بأن يقولوا كلمتهم الأخيرة، ويستنقذوا وطنهم الذي سلب من بين أيديهم ، بتظاهرات سلمية شعارها ( نريد وطن ) ، مع تمسك الآخر بمناصبهم وكراسيهم ومحاولة جرهم إلى مرحلة اللا سلمية من خلال إراقة الدماء وترويع المتظاهرين والناشطين بمختلف أنواع القمع والترويع ، ومن أجل تحقيق المطاليب وحقن الدماء والحفاظ على سلمية التظاهرات ، فقد شدد سماحة المرجع الأستاذ على ضرورة إعطاء الشباب فرصة وأن يأخذ دوره كاملًا في إدارة العراق، فتُعطى له فرصة لتشكيل حكومة مؤقتة تعمل على استقرار الأوضاع، وتهيئة كل مستلزمات ، وهذا من خلال بيانه الموسوم (أرادوا وطن ..اعطوهم الوطن ) ، وأدناه نص البيان :
(أرادوا الوطن.....اعطوهم الوطن
قال الله تعالى في قرآنه المجيد: {{أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}}المائدة32
السلام على الشهداء..السلام على المُختَطَفين.. السلام على الجرحى والمختنقين.. السلام على الشباب المطالبين بالحرية والأمان وكرامة الإنسان.. السلام على مَن أرادَ الوطن.
وبعد:
1ـ أبناءنا الأعزاء، لقد اخترتم سبيل السلمية والسلام ولا زلتم متمسكين به، وأملنا وعهدنا بكم أنكم وبكل شجاعة وصبر وإصرار ستبقون عليه إلى آخر المطاف مهما بلغت التضحيات.
ـ جاء في القرآن الكريم: {{ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}}[المائدة28]
ـ في الإنجيل قال: {{ (5ـ39) ـ طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ.. طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ.. قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: «لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ»، وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: «عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ»، وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا}}[إنجيل متّى، الإصحاح الخامس]
2ـ لا يجوز مطلقا الاحتكاك والتصادم والاعتداءات بين المتظاهرين واخوانهم من القوات الأمنيّة، ويَحرُم جدًا سفك الدماء وزهق الأرواح مهما كانت الأسباب.
ـ ففي حجّة الوداع في يوم النَّحْرِ اليوم الحرام وفي الشهر الحرام والبلد الحرام، قالَ رسولُ الله-صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-: {{يا أيها الناس، إنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، ألَا هلْ بَلَّغْتُ.. اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ.. لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ}}
ـ ووَرَدَ، أنّ رسولَ الله-صلى الله عليه وآله وسلّم- توجّه إلى الكعبة وهو يطوف بها، قائلًا: {{والّذي نفس محمَّد بيده، لحُرْمَة المؤمن أعظم عند الله حرْمَةً منكِ؛ ماله ودمه}}
ـ وقال-عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام-:{{والَّذي نفسي بيدِهِ لقَتلُ مؤمنٍ أعظمُ عندَ اللَّهِ من زوالِ الدُّنيا}}
3ـ يجب على الجميع عدم الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، كما يجب الحفاظ على العراق أرضًا وشعبًا.
ـ جاء في كتاب الله العزيز:{{ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}}القصص77
4ـ الواجب الشرعي والأخلاقي والوطني والتاريخي يُلزمني أن اُقدّم النصح بما فيه درء الفتن وإيقاف نزيف الدماء والحدّ من الظلم والفساد والإفساد، فأقول: إنّ الشباب المتظاهر المثابر المضحّي الذي صار مثالًا وقدوةً حسنة للشباب والتظاهرات في مختلف بلدان العالم، يستحقُّ وبجدارة أن يأخذَ دوره كاملًا في إدارة العراق، فتُعطى له فرصة لتشكيل حكومة مؤقتة تعمل على استقرار الأوضاع، وتهيئة كل مستلزمات النجاح في كتابة دستور مدني متوازن، ثم إجراء انتخابات نزيهة يأخذ كلُّ شخصٍ فيها استحقاقَه، ويتفرّع عليها تشكيل حكومة مدنية وإقامة دولة مدنية، ومن الضروري جدًا أن يتم فيها تربية الناس والأجيال على المدنية الملازمة للأخلاق والعدالة والمساواة والوسطية والاعتدال وكرامة الإنسان.
5ـ يكفيكم سبعة عشر عامًا من التجارب القاسية القاتلة المدمّرة المهلكة للحرث والنسل، واعطوا الشباب فرصة للقيادة والحياة والكرامة والعمل والإعمار والسلام والأمان، وبكل بساطة ووضوح وبراءة وطيبة: أرادوا الوطن فاعطوهم الوطن.
والحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين الصرخي الحسني
12 ربيع الثاني)