النَّبِيُّ الْأكْرَمُ وَتَشْرِيعُ الْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ.. الْمُحَقِّقِ الأستاذ سائِرًا عَلَى تَقْوَى جِدِّهِ الْمُصْطَفَى
— بقلم احمد الحياوي —
قال سبحانه ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4
كَانَ النَّبِيُّ الأكرم- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى اُلْهُ ؤسَلَّمَ- يَبْكِي فِي صِلَاتِهِ ؛ حَيْثُ مُنَاجَاتِهِ لِرَبَّهُ سُبْحَانَهُ، وَمِمَّا حِفْظٍ مِنْ بكَائِه فِي صِلَاتِهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْن الشَّخِيرِ- رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، وقال: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ.كُلَّ الدَّلَالَاتِ تُشِيرُ إلى أنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى اُلْهُ وَسَلَّمَ- أشار إِلَى أَنَّ دَيْنَ الْمُسَلَّمِينَ دِينَ قَائِمَ عَلَى الرَّحْمَةِ، فَرَبِّهُمْ بِهُمْ رَحِيمُ، وَوَصْفَهُمِ اللهَ بِأَنَّهُمْ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ وَأُخَبِّرُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهٌ وَسُلَّمٌ- أَنَّهُ إِنَّمَا يُرَحِّمُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَفَمَسْأَلَةَ الْبُكَاءِ هُنَا مَسْأَلَةِ مَشْرُوعَةِ وَفِيهَا أَجْرٌ وَثَوَابٌ لِأَنَّهَا مِنَ الْمُمَارَسَاتِ الَّتِي مَارَسَهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَأَنَّهُمْ حَزَنُوا لِفَقْدِ الْأَحِبَّةِوبكى- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في صلاة الليل ليلة غزوة بدر؛ كما في حديث الإمام عَلِيٍّ- عليه السلام- قَالَ: «مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ الْمِقْدَادِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ- تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ .بكى في صلاة الكسوف خوفاً على أمته من نزول العذاب؛ كما في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو- رضي الله عنهما- قَالَ: «كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله سَلَّمَ- فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ فِي السُّجُودِ نَحْوَ ذَلِكَ وَجَعَلَ يَبْكِي فِي سُجُودِهِ وَيَنْفُخُ وَيَقُولُ: رَبِّ لَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَأَنَا أَسْتَغْفِرُكَ، رَبِّ لَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَأَنَا فِيهِمْ —-فيقول المفكر الإسلامي المعاصر- في بحثه المباركمن بحث الثورة الحسينية والدولة المهدوية قائلا–وفي مَشْرُوعِيَّةَ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ …لِقَدَّ بَكَى النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- عَلَى عَمِّهِ أَبِي طَالِبُ-عَلَيْهِ السُّلَّامَ- وَعَلَى عَمِّهِ الْحَمْزَةَ وَجَعْفَرَ الطَّيَّارِ وَزَيْدِ بْن الْحَارِثِ وَعَبْدِ اللهِ بْن رَوَاحَةٍ وَعَلَى وَلَدِهِ إبراهيم وَعَلَى أُمَّهُ آمنَة وَعَلَى سَعْدِ بْن عِبَادَةٍ.وَقَدْ أَقَرَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- بُكَاءَ البكائين، وَكَذَلِكَ نَرَاهُ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- حَثَّ عَلَى الْبُكَاءِ كَمَا حَثَّ وَأَمْرٌ بِالْبُكَاءِ عَلَى جَعْفَرٍ وَحَمْزَةِ-عَلَيْهُمَا السُّلَّامَ- وَقَدْ تَصَدَّى-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- لِمَنْعٍ وَزَجْرِ مَنْ يَمْنُعُ الْبُكَاءُ..انتهى كلام الأستاذ.ففي يَوْمُ اِسْتِشْهَادِ جَعْفَرِ الطَّيَّارِ، إِذْ جَاءَتِ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- اِمْرَأَتَهُ أَسَمَاءَ بِنْتِ عميس فَعَزَّاهَا، وَدَخِلَتْ فَاطِمَةُ- عَلَيْهَا السُّلَّامَ- وَهِي تَبْكِي وَتَقُولُ:( وَا عُمَّاِهِ) فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-:( عَلَى مِثْلُ جَعْفَرٍ فَلَتَبْكِ البواكي))فَاِحْرَصْ أَيَّهَا الْقَارِئَ عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَكُنْ مِنَ الرُّحَمَاءِ عَلَى نَفْسُكَ أَوََلَا ثُمَّ عَلَى غَيْرِكَ ليرحمك اللهَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِلقد سار الأستاذ المحقق الصرخي على ذلك الطريق والمنهج وفي التقوى والاعتدال وقول الحق والنصح والارشاد للمجتمع ولم يساوم على دماء الأبرياء ولم يصافح أهل النفاق والشرك وكان عنوان الوسطية و روح الأخاء والرحمة بين الناس متأسياً بنهج جده النبي الأكرم- صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-.