الْمُفَكِّرِ الْإِسْلَامِيِّ مُغرِّدا . لله دَرُّكَ يا عُمَر .. صِرْتَ صِهْرًا لِفَاطِمَة وَصِهْرًا لِعَلِيّ وَصِهْرًا لِلْنَبِيّ...
---- بقلم احمد الحياوي.......
رغب عمر بن الخطاب في الزواج من أم كلثوم بنت علي وأمها فاطمة الزهراء ـ سلام الله عليهم جميعاً ـ وذلك ليكون له سبب ونسب برسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- .وتزوجها وكان ذلك في السنة السابعة عشرة من الهجرة.
وبرضا علي وفاطمة-عليهما السلام- وقد نصَّت الروايات عند أهل السنة على هذا الزواج أيضاً، وأن ثمرته كانت رقية وزيدًا، وكذلك في مراجع ومصادر الشيعة حتى عهد الشيخ المفيد ت314هـ الذي بدأ رفع راية تمام هذا الزواج وتبعه من بعده علماء وأئمة لما سلف. فقد أجمعت مصادر أهل السنة على زواج عمر من أم كلثوم ولا تكاد تجد اختلافاً في الروايات المختلفة والأسانيد التي ذكرت هذا الزواج. ومن الروايات التي ذكرت هذا الزواج رواية <الطبري> ت 310هـ في تاريخه.(1) ورواية الطبري ذكرها مختصرة ابن كثير الدمشقي ت477هـ في البداية والنهاية(2) في ذكر زوجات عمر وأولاده ونسائه وبناته. وكذلك ذكر الزواج في موضع آخر في الحديث عن علي بن أبي طالب في ذكر زوجاته وبنية وبناته. وذكر الزواج <الذهبي> ت847هـ في تاريخ الإسلام في أحداث سنة سبع عشر قال: <وفيها تزوج عمر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء وأصدقها أربعين ألف درهم فيما قيل>(4). وذكر الذهبي أيضاً هذا الزواج في <سير أعلام النبلاء> في ذكر نساء عمر بن الخطاب وأولاده قال: <وتزوج أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء وأصدقها أربعين ألفاً فولدت له زيداً ورقية>(5 وذكر هذا الزواج أيضاً ابن الجوزي ت795هـ في كتابه <المنتظم> في ذكر أزواج وأولاد عمر بن الخطاب قال: <كان له من الولد: عبدالله، وعبدالرحمن، وحفصة وأمهم زينب بنت مظعون بن حبيب، وزيد الأكبر ورقية وأمهم أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وأمها فاطمة بنت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وزيد الأصغر وعبيد الله وأمهما أم كلثوم بنت جرول....>(6). وذكر هذا الزواج الدياربكري في <تاريخ الخميس> وغيره من المؤرخين والمحققين في العديد من المصنفات ولم يختلف من هؤلاء المؤرخين واحد في حدوث هذا الزواج، وبأم كلثوم بنت علي ابنة فاطمة الزهراء وبأنها ولدت لعمر زيداً ورقية. ولولا خشية الإطالة لنقلنا هنا كل هذه الروايات، ولكن ما سلف فيه الكفاية لمن أراد الهداية. أما كتب التراجم المختلفة فقد ذكرت هذا الزواج سواء في ترجمة عمر بن الخطاب أو ترجمة أم كلثوم بنت علي أو ترجمة أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. ولا تجد أيضاً أيّ اختلاف في ذكر هذا الزواج وبأنه كان بأم كلثوم بنت علي لا غيرها مع كثرة من تسمين بأم كلثوم. ولنبدأ من كتب التراجم بكتاب <الإصابة في تمييز الصحابة> لابن حجر العسقلاني ت258هـ فمكانة ابن حجر العسقلاني لا تجهل وتبحره في الحديث والتراجم ومعرفة الرجال وأحوالهم لا تنكر. قال ابن حجر في ترجمة أم كلثوم بنت علي:
<... وقال ابن وهب عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده تزوج عمر أم كلثوم على مهر أربعين ألفا وقال الزبير ولدت لعمر ابنيه زيدا ورقية وماتت أم كلثوم وولدها في يوم واحد أصيب زيد في حرب كانت بين بني عدي فخرج ليصلح بينهم فشجه رجل وهو لا يعرفه في الظلمة فعاش أياماً وكانت أمه مريضة فماتا في يوم واحد....>(7).
وقال أيضاً: <وذكر ابن سعد عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر خطب أم كلثوم إلى علي فقال إنما حبست بناتي على بني جعفر فقال زوجنيها فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من كرامتها ما أرصد قال قد فعلت فجاء عمر إلى المهاجرين فقال زفوني فزفوه فقالوا بمن تزوجت قال بنت علي إني سمعت أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال كل نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وكنت قد صاهرت فاحببت هذا أىضاً ومن طريق عطاء الخراساني أن عمر أمهرها أربعين ألفا وأخرج بسند صحيح أن ابن عمر صلى على أم كلثوم وابنها زيد فجعله مما يليه وكبر أربعاً وساق بسند آخر أن سعيد بن العاص هو الذي أبهم عليها>(8).ـ وفي (أسد الغابة) في معرفة الصحابة) لابن الأثير ت630هـ ذكر الروايات نفسها مع اختلاف طفيف في اللفظ قال<أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، أمها فاطمة بنت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ، ولدت قبل وفاة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ..
وتوفيت أم كلثوم وابنها زيد في وقت واحد، وكان زيد قد أصيب في حرب كانت بين بني عدي، خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل منهم في الظلمة فشجه وصرعه، فعاش أياماً ثم مات هو وأمه، وصلى عليهما عبدالله بن عمر، قدمه حسن بن علي....>(9).والروايات السابقة نفسها تجدها باختلاف طفيف في اللفظ في طبقات ابن سعد، وعيون الأخبار لابن قتيبة وغيرها من المراجع.
ولقد ذكرت في ثنايا هذا الموضوع عشرات المراجع التي أشارت لهذا الزواج ونقلت النصوص المبينة لذلك نقلاً حرفياً وأود أن أشير هنا إلى ما سبق بيانه من روايات:.
أولاً: نخرج من رواية الطبري وهو من أقدم المؤرخين توفي سنة 310هـ أن عمر بن الخطاب خطب أولاً أم كلثوم بنت أبي بكر ونظراً لشدة عمر المعروفة خشيت أم كلثوم بنت أبي بكر من الحياة معه فأبته فتدخل عمرو بن العاص لرفع الحرج عن عائشة أم المؤمنين لما قبلت العرض أول مرة وكان من عمرو ما كان من الإشارة للزواج من أم كلثوم بنت علي.
ثانياً: في رواية ابن كثير عن المدائني وأظنه اختصر الرواية من تاريخ الطبري ولم يضف إليها شيئاً يذكر.
اذن لله درك ياعمر صرت صهرا لفاطمة وصهرا لعلي وصهرا للنبي ...فكيف من يكون هذا الصهر ناكرا للجميل؟ وخاذلا للرسول ولعلي وفاطمة وام كلثوم فهل من عاقل حتى ولو للحظة ان يفكر في ان عمر يعتدى على الزهراء- عليها السلام- ويكسر ضلعها ويسقط جنينها ويحرق بيتها ووجود أسد الله الغالب داحي باب خيبر ...
عاشرًا ـ [عُمَر صِـهْـر النّبِـيّ(صلّى الله عَلَيه وَعَلَى آلِه وَصَحْبِه وَسَلّم ....{حَفْصَـة...أمّ كُلثُوم...فَاطِمَـة}(عليهن السّلام)]
أ ـ فِي سَنَة(2هـ) أو قَبْلَها... وَعَلَى مَنهَج المَوَدّة بِالقُربَى، وَالارتِبَاط، سَبَبًا وَنَسَبًا وَصِهْرًا، بِرَسولِ الله(صَلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم)، سَعَى سَيّدُنَا عُمَر(رض) لِمُصَاهَرَة الرّسول الكَريم(عَلَيه وَعَلى آلِه الصّلاة وَالتّسليم)، فَخَطَبَ فَاطِمَةَ الزّهرَاء(عَلَيها السّلام)، لَكِن شَاءَ اللهُ أن يَتَزَوّجَ أمَّ كُلثُوم ابْنَة فَاطِمَة(عَلَيهما السّلام) بَعْدَ حِين
بـ ـ فِي سَنَة (3هـ) بَعْدَ اسْتِشْهَاد زَوْج حَفْصَة(رَضِيَ الله عَنْهما)، عَرَضَ أبُوهَا عُمَر(رض) تَزويجَها عَلَى أبِي بَكْر وَعُثمَان(رَضِيَ الله عَنْهما)...ثُمّ ذَهَبَ مَهْمُوماً مَكْسُورَ الخَاطِر لِرَسولِ الله(عَلَيه وَعَلَى آلِه وَصَحْبِه الصّلاة وَالسّلام)، شاكِيًا رَفْضَهما التّزويج، فَلَم يَتَأخّر الرّسولُ الكَريمَ(صَلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم) فِي كَشْفِ كَرْبِهِ وَإزالَةِ هَمِّهِ، فَعَلَى الفَوْرِ قَدَ خَطَبَ(عَلَيه وَعَلَى آلِه الصّلاة وَالسّلَام) أمَّ المُؤمنينَ حَفْصَة(رض)، فَتَشَرّفَ ابنُ الخَطّاب(رض) بِالمُصَاهَرَة المُبَارَكَة
جـ ـ صِدْقُ النِّيَّةِ وَالإخلَاصُ سَاقَ لِابنِ الخَطّاب(رض) رِزْقًا وَتَشْرِيفًا لَم يَخْطُرْ بِبَالِهِ، فَصَارَ صِهْرًا لِلصّادِقِ الأمِين(صَلَواتُ الله وَسَلَامُه عَلَيه وَآلِه وَصَحْبِه) مِن خِلَالِ أمِّنَا حَفْصَة(رض)، ثُمّ مِن خِلَالِ أمّ كُلثُوم بَدَلَ أمِّها فَاطِمَة(عَلَيهما السّلام)، حَيْثُ حَقّقَ الإمَامُ عَلِيّ(عَلَيه السّلَام) لِلخَلِيفَةِ عُمَر(رض) أمْنِيَّتَه بَعْدَ (17) عَامًا تَقْرِيبًا
د ـ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ عُمَرُ(رض): {لَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَأَنْ تَكُونَ لِي خَصْلَةٌ مِنْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ حُمْرِ النَّعَمِ}، قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ(رض): {تَزْوِيجُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ)، وَسُكْنَاهُ الْمَسْجِدَ...وَالرَّايَةُ يَوْمَ خَيْبَرَ}
[المستدرك3للحاكم، البدايه والنّهايه7لابن كثير، فرائد السّمطَین1للجويني، العَسل المصفّى1للعاصمي، نظم درر السمطين للزرندي، البيان الجلي لابن رويش، الغدير3للأميني]
هـ ـ لله دَرُّكَ يا عُمَر...لَقَد أخْلَصْتَ وَصَدَقْتَ وَطَلَبْتَ وَصَبَرْتَ وَنِلْتَ ...وَصِرْتَ صِهْرًا لِفَاطِمَة وَصِهْرًا لِعَلِيّ وَصِهْرًا لِلْنَبِيّ (عَلَيه وَعَلَى آلِه وَصَحْبِه الصّلَاة وَالسّلَام)
و ـ تَصَاهُرٌ مُؤكّدٌ وَعلَاقَةٌ عَائِلِيّةٌ مُوَثّقَةٌ وَسِيرَةٌ وُدِّيَة حَسَنَةٌ لَا يَصْمُدُ أمَامَها أبَاطِيلُ العَصْرَةِ وَإسْقَاطِ المُحْسِن وَالمِسْمَار
حَادِي عَشَر ـ ......... يتبع..... يتبع
الصَّرخيّ الحسنيّ