زينب .. قمعت بموروثها الحسيني خداع الخوارج المارقة
غريبة تلك المرأة (زينب بنت علي بنت فاطمة) في جميع حالاتها وأدوارها ؛ وعجيبة تلك القوة الهائلة التي تجسدت في ملامح شخصيتها ؛ وهي في أسرها تخطب على الجماهير المتجمعة من أهل الكوفة، الذين قد خرجوا للتفرج عليهم، والتفت وقد استعادت في ذاكرتها كل المصائب العظيمة التي جرت عليها واستعرضت كل انتهاكات القوم أمام مخيلتها ، فاندفع الأثيم يظهر الشماتة بلسانه الألكن قائلاً:الحمد لله الذي فضحكم، وقتلكم، وكذّب أُحدوثتكم ؛ وماكان منها الا أنزلت العقيلة بكلماتها كالصاعقة تخطف ابصار الطاغية من عرشه إلى قبره، وعرّفته أمام خدمه وعبيده أنّه المفتضح والمنهزم، وأنّ أخاها هو المنتصر، قائلةً «الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه، وطهّرنا من الرجس تطهيراً، إنّما يُفتَضح الفاسق ويُكذب الفاجر، وهو غيرنا)ولم يجد ابن مرجانة كلاماً يقوله سوى التشفّي بقتل عترة رسول الله صلّى الله عليه وآله، قائلاً:كيف رأيت صنع الله بأخيك ..وانطلقت عقيلة بن هاشم ببسالة وصمود، فأجابت بكلمات الظفر والنصر لها ولأخيها قائلة:«ما رأيت إلاّ جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاجّ وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أُمّك يابن مرجانة ..
نعم هاهي الحوارء زينب هالة من المجد وقامة ثورية مناهضة لمظاهر أدلجــة الدين والمتاجرة بمثاليته ؛ بمقاييس الفكر والمفاهيم والقيم؛قمعت بموروثها الحسيني الخالد خداع الخوارج المارقة ؛ وأخضعت بخطابها الاعلامي المهيب قول عتاة حكمهم الداعشي البغيض ليطرقوا بهاماتهم نحو الأرض ويطمسوا رؤوسهم في الرمال خشية ورهبة وإجلالاً ، ولمعرفة فضائلها وطيب معدنها وجوهر خلقها وعالمها القدسي يستوجب منا معرفة معاناتها بعد استشهاد أبيها الإمام علي بن أبي طالب ” عليه السلام ” وهمومها يوم الطف، وانشغالاتها بعد المصيبة الكبرى وقتل الحسين ” عليه السلام ” ومسؤوليتها الجسمية في الحفاظ على الأطفال والنساء ومن ثم حمل لواء ثورة الحسين الشهيد على يزيد الرعديد .. والإبحار في الينابيع التي كونت بحرها الفكري والإعلامي بحكم قربها من مدينة جدها المصطفى ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وباب أبيها المرتضى ” عليه السلام ” ومعايشتها لأمها البتول ” عليه السلام ” التي إنقاد لها الجميع كما بين ذلك المرجع المحقق الصرخي الحسني في المحاضرة السابعة عشرة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول ” صلى الله عليه وآله وسلم “) حيث قال :{{… ليس فقط عليّ عليه السلام قد انقاد لحكم ومواقف المرأة فاطمة “عليها السلام “، بل كل الصحابة والناس انقادوا للمرأة فاطمة “عليها السلام ” ولحكمِها ومواقِفِها إلى المستوى الذي بمجرد وفاتها انقلبت مواقفُهم كلّيا (أي 180 درجة)، فهل هذا انقياد لمرأة وانقياد لباطل؟! وهل هو تقية أو نفاق أو دين وحقّ وأخلاق؟!
نعم هي زينب التي هزّت العواطف، وقلبت الرأي العام وجنّدته للثورة على الحكم الظالم فكانت أمثولة الدهر على مر الأزمان.
ــــــ
هيام الكناني