الفكر الحسيني والشباب ورسالة الإصلاح، المحقق الصرخي مُرشداً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعود الذكرى لتشحذ الهمم ويتألق فيها الأبداع في نشر تعاليم الله ،والتي من أجلها بذل الحسين مهجته وعياله ،ها هي صفحات المجد تعود لتوقد في أذهان الناس أحداث تلك الملحمة ودروسها والعبر التي تم إستنباطها منها،لايخفى على أحد لقد أعتمدت حركة الإسلام ومنذ نشأتها على حركة الشباب ومساندتهم للرسالة من كل جوانبها من إيثار، وتضحية ،وقيادة،وهمة وخير مثال على ذلك مساندة الامام علي عليه السلام للرسالة المحمدية وبذله الروح والجسد في مقابل إعلاء بوادرها في ربوع المعمورة وعلى هذا إنتهج الحسين ثورته في إستخلاص وإبقاء الرسالة خالدة على طول السنين .
الأغلبية العظمى تحث الخطى صوب كربلاء بإتجاه إشعاعاته المضيئة التي تهب الحياة في النفوس ،وبين هؤلاء الافراد، تبدو للعيان، شريحة غضّة وطرية (للشباب المسلم الواعد ) في تركيبتها البدنية والذهنية والنفسية، فهي في قمة الحيوية، وهي تتحرك بنشاط ملحوظ في أيام محرم الحرام وصفر ، لتشارك الآخرين في إستقطاب شيء من هذا الشعاع الساطع. إنهم الشباب... حيوية، ونشاط، وطموح و إبداع وتطلع نحو المستقبل... وسمات عديدة اخرى تغري القلم بحسنها وجدارتها. كل ذلك نلاحظه يتجسد في الفعاليات المختلفة لإحياء ذكرى الامام الحسين، عليه السلام، من مواكب عزاء، وهيئات خدمية، وتجمعات ثقافية وغيرها كثير. فكان لابد من استجلاء الرؤى والأفكار من هذه الشريحة الحيوية، للوقوف على نشاطها من جهة، ومكتسباتها من النهضة الحسينية، من جهة أخرى، فكانت لنا جولة مع تجمع (مشروع شباب المسلم الواعد)، وهو أحد التشكيلات الشبابية التي تعمل على توعية المجتمع من براثن الإنحراف العقائدي والتأريخي والسلوكي فوجدنا العشرات من الشباب، من فئات عمرية مختلفة، وهم في نشاط دؤوب وعمل واسع النطاق؛ سواء في المحافل القرآنية او إقامة المجالس الحسينية، وايضاً قراءة الأدعية المأثورة ،أو توزيع المقتبسات الأرشادية ، أو في تنظيم الرحلات التثقيفية، هذا كله الى جانب النشاط الحسيني في هذه الايام تحديداً، الذي حوّل التجمع الى شجرة يانعة تتفرع منها عشرات الهيئات والفعاليات الحسينية، تعمل ليل نهار في كل مكان.
ذكرى ملامح ثورة الحسين تحكي لنا بفخر تصدي شباب وأشبال مشروع المسلم الواعد الى نشر الرسالة المحمدية الحقة التي دعت الى تنوير العقول والضمائر والقلوب بالعلم والمعرفة بحراكهم الإبداعي الرامي الى نشر الثقافة الحسينية الخالدة التي دعت الى تجسيد المُثل الإسلامية العليا خاصة ، ونحن نعيش أيام عظيمة نستذكر فيها مصاب الإمام الحسين عليه السلام وأنوار الزيارة الأربعينة التي أضاءت الدنيا بأسرها لتُبدد ظلام الخوارج المارقة الذين عادوا اليوم بلباس الفكر الداعشي البغيض لينتفض شباب وأشبال مشروع المسلم الواعد ويطوفوا بلباس التقوى والوسطية والأخلاق كحمائم السلام وينشروا ثقافة الإعتدال والوسطية وينوروا القلوب ببيان الأستاذ المحقق الصرخي الموسوم ( محطات في المسير الى كربلاء ) والذي تناول فيه أهم الوصايا والإرشادات التي يجب إنتهاجها لمن يكون حسينياً حقاً حيث ذكر قائلاً(..المحطة الاولى:قال الإمام الحسين ((عليه السلام)) { .. إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإِصلاح في أمة جدي (( صلى الله عليه وآله وسلم )) ،أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي طالب ((عليهما السلام))،
فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين،…} والآن لنسأل أنفسنا : هل نحن حسينيون ؟ هل نحن محمدّيون؟ هل نحن مسلمون رساليون؟
ولنسأل أنفسنا :هل نحن في جهل وظلام وغرور وغباء وضلال؟
أو نحن في وعي وفطنة وذكاء وعلم ونور وهداية وإيمان؟
إذن لنكن صادقين في نيل رضا الإله رب العالمين وجنة النعيم ،
ولنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين ((عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم)) بالاتباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين
((عليه السلام )) وضحّى من أجله بصحبه وعياله ونفسه ، انه الاصلاح ، الاصلاح في امة جدِّ الحسين الرسول الكريم ((عليه وآله الصلاة والسلام)).
goo.gl/b5ZMeY
وبهذا الصدد تحدّث الشاب عباس الخليفاوي مشيراً الى مسألة مهمة وهي أن يكون التفاعل مع قضية الإمام الحسين، عليه السلام، جوهرياً وليس فقط ظاهرياً، باستبدال الملابس الملونة الى الملابس السوداء اللون، لأن «أيام عاشوراء ليست بداية لتغيير الملابس من الملونة الى السوداء، إنما هي مدرسة و منهج، بل محاولة لتغيير النفوس وتنقية القلوب».وأيده في ذلك الشاب مرتضى البديري فتحدث لنا عن كيفية صياغة الثقافة والفكر من النهضة الحسينية فقال: «يمكننا التركيز على الحوار الذي دار بين الإمام الحسين، عليه السلام، وبين أصحابه. وكذلك خلال مواجهته أعداءه، فهو لم يبادرهم بالقتال، انما حرص على إرشادهم و إصلاحهم على أمل تغييرهم. و أن يعودوا الى صوابهم».
وبعد عروجنا على المواكب الشبابية ، لايمكننا نسيان تلك الفئة العمرية التي تضم ثلّة من اليافعين والبراعم التي ملئت شوارع المسير وهم يلهجون بالحسين عليه السلام
ومع هذه الجولة السريعة، أن مثل هذا المشروع التجمعي للشباب الواعد تمكن من شق طريق الخدمة الحسينية أمام الجيل الجديد، مما يمكن القول معه، بأنها تحولت الى مسيرة متواصلة للأجيال، اضافة الى أن وجود مثل هذه الفئة المثقفة الفتية تعمل على بناء هيكلية الأمة من خلال العقول المتفتحة الواعية العقول العلمية التي تحمل تلك الأفكار النيرة التي فيها بناء المجتمعات وبناء الدول والحضارات على مر الأزمنة وبالشباب تُحمى الدول لكونهم يشكلون الحصن الحصين والدرع الواقي من الأعداء.
ــــ
هيام الكناني