التجاسّرُ الوضِيعُ لـِهدمِ قبورِ البقيع
لازالت فجيعة تهديم قبور البقيع تمثل الصورة التراجيدية المأساوية للفكروالتفكير الجاهلي المُنحرف عن الواقع الأنساني فضلاً عن الشريعةِ السمحاء ، ومازالت أيادي الغدر لمخالب الذئاب لم تجد فريسة تنهشها الا بتلك القبور الساكنة جاهلة أو متجاهلة إن الأمم الماضية دأبت على تقديس عظمائها ومصلحيها، وكل من وضع نفسه في خدمة كيانها وهويتها بل من شكل هويتها وحضارتها لتذكر ولتكون نورا يستضاء به وطريقاً موصلاً الى الحق والحقيقة ..
إن الأيدي الآثمة لخفافيش الظلام والنهج التكفيري لم يقتصر على قبور البقيع بل إمتدت لتسفك دماء المسلمين وتعتدي على أموالهم وأعراضهم وها نحن نشاهد ونقرأ الفتاوى التفكيرية التي أباحت سفك دماء المسلمين ليس من الشيعة فقط، بل دماء المسلمين قاطبة، ما تزيد وتهدد من وحدة المسلمين وتزرع الفتنة الطائفية في ربوع المعمورة ، نتيجة لإجتهادات خاصة وأساسات فكرية خاطئة ، وموقف خاص ولّدَّ تفكير منحرف أنجرف من خلاله الكثير حول قضية تهديم القبور ؛ مما ينبغي أن يوضح للمسلمين أن الأساس الفكري الذي قام عليه فكرة تهديم القبور باطل بدليل أن ملايين المسلمين سنوياً وعلى طول السنة يطوفون حول حجر إسماعيل كجزء من الكعبة وهذا الحجر هو قبر للنبي إسماعيل وأمه هاجر(عليهما السلام) ولمجموعة من الأنبياء، وهذه الحقيقة تجعل من الأساس الفكري الذي قام عليه هذا المذهب أساساً باطلاً ينبغي توضيحه للمسلمين بحكم هذه الحقيقة، حيث كان الطواف كاملاً حول الكعبة قبل الإسلام وجاء الإسلام وأقره وهذه الحقيقة متفقاً عليها جميعاً وهي تكفي بأن هذه الفكرة خاطئة وأراد أصحابها أن يكفّروا جميع المسلمين إلا من تبنى هويتهم. ناهيك ايها القارىء النبيه عن اقوال وافعال الرسول صلى الله عليه واله واهل بيته التي تعتبر تقرير عن مشروعيتها والقرآن صريح بذلك قال سبحانه في محكم كتابه ( ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً) وهذا قول الكفار وهذه نظرية الطمس رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ – وهذا منطق الجهل -﴾.وحجتنا للبناء تستند إلى البصيرة الواضحة، والدليل القاطع، والبرهان الساطع، من كتاب الله؛ ولذلك فهي دامغة، ومزاعم من يخالفنا أسست على جرف هار اختلقها الوضَّاعون من البشر ولذلك فهي داحضة ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ – وهم المؤمنون - لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً – وهذه نظرية بناء القبور لعبادة الله واتخاذها معابد لله ، ومنطقها العلم بما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى
وللبيان والتبيين اكثر تطرق المحقق الصرخي الحسني لمسألة زيارة القبور وأثبت بالدليل تهافت الدعوى التكفيرية لها وعفونة العقل الذي يعتمده الدواعش في بحثه (ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد") , حيث قال ذاكراً ((في صحيح مسلم ,كتاب الجنائز,زار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ثم قال :استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يُؤذن لي فزوروا القبور ,فأنها تذكر بالموت.) وهنا يستمر المحقق الصرخي في قوله حيث يذكر على لسانه ..
أٌقول والقائل هوالمحقق الصرخي ( هذا صحيح مسلم يقول, هذا الحديث صحيح , التكفيريون يقولون بأن أم النبي ماتت على الكفر!! ليست بمؤمنة !! لم يُؤذن للنبي بالاستغفار لها ,لكن استأذن بزيارة قبرها , الله سبحانه وتعالى أذن للنبي بزيارة قبر كافرة كما يدعي اهل التكفير , أيها الجهال ,أيها الفاسدون ,أيها التكفيريون ,أيها الدواعش , النبي استأذن الله سبحانه وتعالى في زيارة قبر كافرة فأذن الله للنبي في زيارة قبر كافرة, فهنيئاً لكم يا زوار الحسين , يا زوار النبي , يا زوار قبور الأنبياء , إذا كان قد أُذن للنبي في زيارة قبر كافرة فما بالكم أنتم ؟وما حجم الأجر والثواب وما هي السنّة وما هي الطاعة في زيارة قبور الأولياء سلام الله عليهم ؟))
فالى الجاحد والمعاند والمكابر إذا كانت هذه سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم فيمن يريد رفعه، بجعل آثاره مناسك ومتعبدات، فآثار رسول الله وأهل بيته أولى بالاستحقاق بجعلها مناسك ومتعبدات ، والآ فمن يُريد يدس راسه في التراب كالنعامة ولا يقبل بالحوار الهادف والمجادلة بالتي هي أحسن، ومجادلة الدليل بالدليل، ومقارعة البرهان بالبرهان و هؤلاء منطقهم التكفير والهدم والقتل لأنه لا يملك عقيدة إلا قرن الشيطان، ولا لساناً إلا منطق الطغيان، ولا عملاً إلا جور السلطان.