الـراب المهــدوي بـين الإبـــداع والإنـــكار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من جميل صفات الله سبحانه وتعالى والتي على المسلم الاتصاف بها "المبــدع" ، فالمسلم بحكم إيمانه مدعوّ إلى التخلق بأخلاق وصفات الله، ومطلوب منه أن يسعى قدر الطاقة كي يتحلى بمعاني أسماء الله الحسنى، فالمسلم مدعوّ إلى الاتصال بالإبداع عبر الفعل الهادف المبتكر المتجدد، والإبداعَ الحقيقي هُوَ الذي يُسبق بالتفكيرِ البنّاء الذي لا يخرج عن التعاليم الإلهية .
إن الإبداع في النظرة الإسلامية لا بد له أن يحقق هدفًا، ويسهم في حل مشكلة، وأن يدعم المنتج الإبداعي القيم الإنسانية التي أكدت عليها التعاليم الإلهية .
ومن الممكن أن يُعمِل الإنسان عقله وفكره ليستحدث وسيلة يجمع بها قلوب الناس على دين الله أو يحبب الناس في ربّهم ورسولهم أو حتى يعلّمهم بها دينهم، وهذا باب يعتمد على سعة الأفق والقدرة على الابتكار والتصور والتطور. فالابتكار هو عملية إبداع أشياء جديدة، ولا تظهر قيمة هذا الإبداع وذاك الابتكار حتى يتم تطبيقها على أرض الواقع، ولعل أبسط مثال على التجدد والابتكار ما قام به الرسول الأعظم -صلى الله عليه وآله وسلم- وشخصيته الفذّة حين تمكن من تفجير كل الطاقات الإبداعية والتحفيز للابتكار لصحابته وجعل كلًّا منهم يعمل بعقليته وفكره ليخدم الفكرة التي آمن بها حين جعل كلًّا منهم قائدًا متميزًا في مجاله، يستشعر أعلى درجات المسؤولية، وينغمس في العمل لفكرته بكل كيانه ووجدانه، ويشارك ويبدع ويبادر بتقديم أفكاره ورأيه دون حتى انتظار أن يطلب ذلك منه، وكي لا نبتعد عن الحقيقة لنلقي نظرة على الصحابي سلمان والخندق، ولعل ما فعله سلمان يعدّ من أعلى درجات النمط الابتكاري والتي تدلل على مدى انغماس الصحابة بكل وجدانهم وكيانهم عقلًا وفكرًا وإحساسًا بمسؤوليات الأمة وكيف استطاع -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يحوّل الفرد العادي إلى مشارك ومبادر مبدع ومبتكر بشكل غير عادي.
ولو أننا أطلنا، ولكن كان لابد من ذكر ذلك للتوضيح عن مدى مرونة الإسلام، ولنرجع إلى أصل الحديث واللغط الذي جاب مواقع التواصل الاجتماعي حول مشروعية (الراب) من جهة ونكرانه من جهة أخرى، "راب" تلك الكلمة التي جعلت البعض ينتفخون دون تفكير سوى هذا ليس ما ألفينا عليه آباءنا!!! فيا من تقرأ عن الراب وبعيدًا عن المشروعية الدينية لأن الكثير ممن سبقنا قد بيّن إباحتها ، ولكن لننظر بعين العقل والمنطق فــ فن (الراب) ما هو إلا أداة ووسيلة وابتكار وإبداع جديد يواكب العصر ومقتضياته في زمن بات الابتكار سائدًا لكن بطرق بعيدة عن قيم الإسلام وأصالته، فماذا يكون على الداعي القيام به؟!بالتأكيد سيبحث ويبحث ليجد الحلّ، فظروف كل جيل تختلف عن الآخر، ومن قصور النظر والفكر أن ينظر المرء لجيل سابق ثم يتفلسف عليه ويطالبه بقياس الأمور بمنطق زمانه الذي يختلف عن زمانهم اختلافًا شاسعًا، لهذا دعت الحاجة إلى النظر حول إيقاع الراب وجعله وسيلة لتحقيق غاية عظمى وقلب تلك الوسيلة إلى أداة إسلامية معتدلة ووسيلة لنقل قيم الإسلام الأصيلة بيد الجيل الواعد لشباب الأمة، لهذا دأبت مرجعية السيد الصرخي إلى احتضان الشباب بهكذا مجالس توعوية إرشادية إسلامية في زمن انحدر الكثير نحو جادة الانحلال والإلحاد والفجور، ولمثل هذا العمل البناء لابد من أن نرفع القبّعة وننحني إجلالًا لهذا الابتكار الذي قلب الطاولة على الأعداء وكان لهم بالمرصاد.
فليحيا شباب الأمة الواعد ولتحيا كل الجهود المبذولة لنصرة الحق والإسلام الأصيل.
goo.gl/hVpiUs
goo.gl/sFqVCx
ـــــــ
هيام الكناني