على خٌطى الحسين، المُحقق الصرخي والتعامل العَملي مَعَ الهدف
لطالما أختلف المحللون في تشخيص أهداف النهضة الحُسينية والذي جُمع تحت مفردة (الاصلاح) أو تحت مفردة (الفتح).وهنا لا بدّ من تبيان وتوضيح معنى (الهدف) الذي نُريد الاشارة إليه، وهنا نقول: إنَّ هدف الله -سبحانه وتعالى- الذي رسمه لبني الإنسان هو (التوحيد)، وكذلك كان هذا الهدف هو هدف النبي محمد -صلى الله عليه واله-، وهدف الأنبياء والأولياء والصالحين على طول التأريخ. ومن اليقين أنْ لا يُخْتَلف على هذا الطرح الرسالي المحمدي، والذي أراد اخراج العباد من عبادة بعضهم لبعض إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وهذا هو التوحيد الخالص، والهدف الأسمى، والغاية المنشودة من خلق الإنسان.يتضح بذلك وبحسب هذا الطرح، هدف الإمام الحسين -عليه السلام- بالدعوة إلى التوحيد الخالص، وارجاع الأمة إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، واصلاح المنظومة الفكرية التي شابَّها الشرك بكل صورهِ وتعدد الأرباب، وكذلك فإنه -عليه السلام- رّكز راية الفتح نحو فهم حقيقي وصحيح لتوحيد الله -سبحانه وتعالى-.من هنا فإنّ الإمام الحسين، وبالنظر إلى الدور الذي أُنيط به عبر التاريخ، أقدَم على العمل بمضمون الرسالة التي تحدَّثت عن عاقبة أمره. وفي الواقع فقد كان يسير في طريق واضح المعالم، نحو هدفٍ معلوم، وبنتائج محدَّدة.وعليه لا يكون الفعل صحيحًا إلاّ إذا كان موافقًا لمنهج التوحيد. وفي نفس الوقت يُشير الكثير مِنا إلى صعوبة هذه المسألة وتعقيدها، ولا نعدّها بسيطة، ولا سطحيّة. وفي اعتقاد البعض أنَّ الشرك يتلبّس بلباس التوحيد في العديد من المواقع، فيصعب علينا بذلك اكتشافه، والتعرّف عليه، وعليه تمثِّل حادثّة كربلاء مظهرًا خالصًا، بدون رتوش، وبعيدًا كلّ البعد عن أيّ شائبة من التظاهر، للحرب القائمة بين الشرك والتوحيد فكربلاء هي رواية صادقة وخالصة، تحكي عن الصراع الدائر بين التوحيد والشرك. فكان دور ومهمة وهدف الإمام الحسين -عليه السلام- بالدرجة الأولى هو توجيه الأُمّة نحو الالتزام بالشريعة الإسلامية، والعمل بالفرائض والسنن والأحكام الإلهية. وإنَّ أهم وأسمى أهداف النهضة الحسينية هو (التوحيد)، والذي هو الأساس في (الحرية) و (الاصلاح).فما عرفته كربلاء من اصطفاف حقيقي، وبُعْد عن المظاهر الخدّاعة بجميع أنواعها، كان سببًا في ارتفاع معيار الإخلاص التوحيدي في هذه الحادثة إلى درجةٍ صارت معها وإلى الأبد محكًّا لتمييز الحقّ من الباطل. وتزداد الأهمّية التي تحظى بها كربلاء من ناحية أنّها في عين حصولها على رقم قياسي يأبى التكرار في الصفاء والإخلاص فإنّها تحتشد في مقابل الشرك، الذي يرى نفسه خليفة الله، ومظهرًا للتوحيد.وعلى خطى الحسين -عليه السلام- يشق المحقق الصرخي طريقه في تحقيق الهدف المنشود والسعي لتطبيقه عمليًا على أرض الواقع وبمستويات متعددة، وتوضيحًا لهذا الأمر ينبغي لنا أنْ نقول بأنَّ من الممكن اعتبار أسلوب (التعامل العملي مع الأهداف) هو أنْ نصوِّر تلك الأهداف بحيث تكون في خدمة بعضها البعض، ويكمّل بعضُها البعض الآخر. ووفقًا لهذا يُنظر إلى كلّ هدف يحوز على أهمّيةٍ أقلّ بين الأهداف كممهِّد أو مساعد على تحقُّق الهدف الأعلى أو الهدف الأساسي.وللأشارة بصورة أدق إلى تبيان أهمية الهدف يذكر المرجع الأستاذ السيد الصرخي الحسني -دام ظله- في بحثه الأخلاقي (التقليد والسير في طريق التكامل مقتبس من الرسالة العملية المنهاج الواضح/ كتاب الاجتهاد والتقليد المحفز الأول): الهدف الأسمى: "ينبغي على الإنسان المسلم اختيار الهدف المهم والأوسع والأسمى؛ لأنه كلما كان الهدف ضيقًا وخفيفًا كان اقرب إلى التلاشي في ذهن صاحبه، مما يؤدي إلى فتح باب واسع للتكالب والتزاحم للأمور التافهة وبالتالي الدخول في المحرمات الأخلاقية الشرعية. وكلما كان الهدف أهم وأسمى، قلّت فيه الأخطاء والقبائح بسبب ما يحصل في ذهنه من المقارنة بين هدفه المهم المنشود وبين الشهوات التافهة الرديئة فيلتفت إلى تفاهتها بالقياس إلى ذلك الهدف مما يؤدي إلى نظافة وسعة روحية الإنسان، فكيف إذا كان هدفه رضا الله سبحانه وتعـالى الذي لا تتناهى عظمته ولا تنقطع قدرته ولا تنتهي نعمه، وكلما اقترب الإنسان من هذا الهدف اشتدت رغبته إليه وأحس بعمق أغواره وبعد منتهاه"وعلى هذا فإن هدف النهضة الحسينية بالاضافة إلى الاهداف المتعددة فيها، كان الدعوة إلى التوحيد الخالص، فالدعوة إلى التوحيد وفق المفهوم الإسلامي الصحيح يراد بها: الدعوة إلى محاربة جميع أصناف الاستعباد والخضوع للخرافات والأساطير أو للبشر الآخرين.#محطاتُ_المسيرِ_لكربلاءِ
هيام الكناني