عندما تكونُ المرجعيةُ شمولية يتحققُ الأثر
=====================
بينَ الحينِ والآخرِ يُثارُ الجدلُ حولَ قضيةٍ تُعتبر من أهمِ القضايا في حياةِ الانسانِ ألا وهي "المرجعيةُ والتجديدُ وكيفية تحديد الاعلم " وكثيراً مايحصلُ الجدالُ فيمن له الأحقية بهذا المنصب القيادي وعليهِ لابدَّ من ان نستوضحَ بعضَ الامورِبصورةٍ مبسطةٍ وبعيداً عن طرحِ الألفاظِ الأصوليةِ فنحنُ ليس في مقامِ المبحثِ الاصوليّ وعادةً ما يميلُ الكتّابُ الى انتقاءِ المفردةِ الكتابيةِ المناسبةِ لبيانِ وتبيانِ الأمرِ بصورةٍ تناسبُ القرّاءَ وممن يريدُ الفهمَ البسيطَ ..
حديثُنا هذا اليوم في هذا الموضوع وهو الأعلمية ،وشروط المتصدي لها بهذا القيد، وذلك لأنّه كما تعرفونَ وكما تعلمونَ أنّ الشروطَ التي لابدّ من توفّرها في المرجع الديني في عصرِ الغيبةِ الكبرى، تشتملُ أوّلاً على الشروطِ العلميةِ، ثانياً على الشروطِ العمليةِ، ثالثاً على الشروطِ الإداريةِ وفهم الزمانِ والمكان.
ونحنُ هنا بصددِ من يتصدّى للأمةِ، وشؤونِ الأمةِ، لا لمن يتصدّى فقط لبيانِ الفتاوى في الأمةِ، فهنا اختلافٌ بينَ الأمرينِ .
فقد حددَ أهلُ البيتِ عليهم السلام بانّ القيادةَ ترجعُ الى الأعلمِ الجامعِ للشرائطِ (مرجعُ التقليدِ ) منها قولُ الامامِ الصادقِ عليه السلام في بحار الانوار(ما ولّت أمةٌ امرها رجلاً قط وفيهم من هو أعلمُ منه لم يزل أمرهم في سَفال حتى يرجعوا الى ما تركوا ) (المحاسن / ج/93 /ب18عقاب الاعمال ج 49)
كذلك قوله(من أمَّ قوما وفيهم اعلمُ او افقه منه لم يزل امرهم في سفالٍ الى يومِ القيامةِ) علل الشرائع
وكذلك عنه في تُحفِ العقول /375(من دعا الناس الى نفسهِ وفيهم من هو اعلمُ منه فهو مُبتدعٌ ضال )ومنها قوله عليه السلام الاختصاص (المفيد /25 )من دعا الناس الى نفسهِ وفيهم من هو أعلم منه لم ينظرِ اللهُ اليه يومَ القيامةِ)
هذه الرواياتُ وغيرُها قد حددت مسارَ القيادةِ الروحيةِ والمرجعيةِ الصحيحةِ للامةٍ التي تضمنُ سلامةَ الطريقِ وسلامةَ الدينِ من الانحرافِ و الضلالِ بأنّ الاعلمَ هو المُنجي وهو الكفيلُ بتحديدِ مسارِ الامةِ الصحيح..
ونظراً لِتعدد المرجعيات والمتصدّين للأعلمية كان لابدَّ من معرفةِ الميزة الاساسية لمعرفة الأعلم إضافة الى الشروط الأساسية التسعة لمرجعِ التقليدِ والموجودة في الرسالةِ العمليةِ لاغلبِ الفقهاءِ والمتصدّين ،والضابطة الاساسية لمعرفة ذلك هو علم الاصول (المرجع الاصولي) هو المرجع القادر على إستنباط الاحكام من ادلتها التفصيلية، بالتأكيد من يكون مُلماً بالاصول يكون له القدرة على الافتاء وعلى الجمع بين معظم العلوم الاخرى بالتالي تحديد الاعلمية منوطة بعلم الاصول وقدرة المتصدي له ، يُضاف لذلك شروطه العملية من حيث العدالة والتقوى ،من حيث طلب الدنيا من حيث…؟ هذه كلها تدخل في شروط المرجع الديني العملية ،من يريد أن يكون مرجعاً في الأمة لابدّ أن تكون له القدرة على إدارة شؤون الأمة، فإذا ليست له القدرة كيف تعطيه ايها المكلف ذلك! فنحن عندما نعطي لشخص ادارة دائرة من خمسة موظفين تقول لابدّ أنه عنده ماجستير في علوم الإدارة وإذا ليست له خبرة في علوم الإدارة أو فرع الإدارة تعطيه إدارة مؤسسة أم لا؟ فما بالك تريد أن تعطيه مسؤولية إدارة مئات الملايين من الأمة!؟
نعود لبداية الكلام والمرجعية والتجديد فالتجديد في الاصطلاح الإسلامي لا ينفك عن روح المعنى اللغوي، إذحقيقته تفعيل ثمرات الاجتهاد الفقهي والمعرفي في واقع الأمة، بما يؤدي إلى قطع صلتها بباقي المفاهيم وخلق المعتقدات، التي طال عليها أمد الانحطاط والتقليد، ويحقق لها عظمة الانفتاح على مستجدات العصر ونوازله، بحيث تستعيب إفرازاته، وتحل إشكالاته مستمسكة بأصل الوحي.
وعليه فالعلاقة بين الاجتهاد والتجديد إنما هي علاقة تأسيس وتأصيل، إذ متى غاب الاجتهاد في العلم والعمل، كان تجديد الحال والمآل في حكم العدم. وهي أيضا علاقة تجسيد وتشكيل، إذ متى عطّل المجتهد اجتهاده، بحيث لم يبرزأثره النافع في الناس، لم يكن مجددا على الحقيقة.وبهذا الاعتبار أناط سبحانه أمرتجديد التدين في الأمة بمجتهديها العاملين، ممايعني أن هناك ممارسة اجتهادية دائمة، تعيش حالة الحراك والتطور و(التجديد) بهدف تعزيز حقيقة: أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان، وأن الشريعة الإسلامية هي الشريعة الخاتمة، والدين الكوني النهائي، الذي لن يقبل الله غيره.
والسر في ذلك التطور المحاذي للهالة القدسية، هو بقاء باب (الاجتهاد) و(الفقاهة) مفتوحاً، دون غلق أو وصاية.لأن غيبة الإمام المعصوم الثاني عشر (عجل الله فرجه) فتحت الباب أمام الفقهاء ليقدموا ما يتناسب مع حاجيات العصر «فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا»، بعد أن اتضحت الطريقة الاجتهادية وأمضاها المقنن الإسلامي. بين في ذلك المرجع الاصولي السيد الصرخي المجدد والمحقق أحد عشر مبرراً لاختيار الحلقات الأصولية الثلاث ومنها (المراحل المختلفة للفكر الأصولي، كون العبارات العلمية كانت لمراحل علمية مختلفة) وأيضا (فقدان خبرة وبحوث مائة عام، لأن هذه الفترة كفيلة بتطور علمي جديد في المنهجية الأصولية) فضلا عن استحداث مصطلحات جديدة، حيث كانت الكتب الأربعة قد ألّفها علماء مجتهدون على مستوى إستدلالي لكي تكون صالحة للاحتجاج بينهم، وأضاف سماحته إن هذه الكتب كانت تدرس كبحث خارج والآن تدرس في مرحلة السطوح,)وبين في مقام اخر (ان تعاقب الأجيال التي جاءت من العلماء المتجددين في هذه البحوث العلمية إنها تاتي أي هذه ( البحوث بافكار جديدة كثيرة وتطور طريقة البحث في جمل من المسائل كل ماكان حركة الدراسة ياتي فيها من الابداعات والاستكشافات كلما كان الملقي والمتلقي في مستوى عالٍ من الوعي ,بين كل هذا ضمن سلسلة محاضرات في البحوث الأصولية التي يلقيها سماحة المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني دام ظله.
وهنا رابط البحوث الاصولية الموسعة لمن يريد الاطلاع
goo.gl/L1Bjjq
هنا لابُدَّ أن نوضّحَ امرا مهم وهو أن يكون المرجع القائد الذي إليه مآل الأمة لابدّ أن يُشخّصَ حتى يقول الظرف ما هو؟
هيام الكناني