البروتوكول التاسع
يا جلالة الجلالات و يا فخامة الفخامات:
لن يطول حديثي لكم اليوم فثمة مهام عاجلة على مستوى العالم تحتاج وجودي. لذلك فسوف أطرح عليكم رؤوس موضوعات عاجلة.. منبها أن الجزء الأهم والأخطر هو ما سأحاضركم فيه بعد عودتي. ويتضمن أشياء عديدة منها كيفية شل حركة الجيش وتدمير قدرته على مواجهتكم ومنها مواجهة الموجات الجديدة للتطرف والإرهاب ومنها علم دراسة المستقبل. وفي هذا الصدد فإنني أرد على رسالة واحد منكم دون تحديد اسمه.. إنه يعاتبنا لأن أجهزة مخابراته اكتشفت أننا نعد الرئيس القادم لبلاده. وردي عليه أننا بصدد خطة طويلة المدى نحدد فيها أسماء الرؤساء والملوك والأمراء وشخصياتهم وعائلاتهم ودرجة تعليمهم في المائة عام القادمة. لا يجب أن نترك شيئا للظروف.
نقطة أخرى هامة جدا.. يجب أن تواجهوها بقوة..
لا بد أن تؤكدوا طول الوقت على أن الدين مقدس ولا يجب أن يدنس بالحياة الواقعية.. وأنه يجب أن نوقره ونطهره فلا ندخله في السياسة أبدا.. باختصار شديد.. نريد الدين جثة محنطة في متحف وليس كيانا حيا فاعلا لأن هذا الكيان سيلتهمكم جميعا.
وكذلك يجب أن نفصل بين الثقافة والدين.. أنا أعلم .. وربما تعلمون أنتم أيضا – وأقول ربما لأني أعرف أن معظمكم لا علاقة له بالثقافة- أن ثقافة الأمة هي دينها.. لكننا أمام الناس يجب أن ننفي ذلك باستمرار.. أن ننفيه بالدرجة التي يحتملها الناس.. ففي البلاد المتخلفة يجب أن نفعل ذلك بركل الدين لأعلى بحجة قداسته.. وفي البلاد التي نمت يجب أن نحيل الدين إلى قسم الأساطير والخرافات.
هناك نقطة أخرى مهمة جدا..
إن جهدي معكم كله يتعلق بالعلوم النظرية.. لكن لي مجهود آخر بعيد عنكم لأنه فوق مستوى عقولكم.. جزء علمي بحت قد تتساقط ثماره عليكم قريبا.. هذا الجزء يتعلق بدراسة الجينوم البشري.. فهناك دلائل على أننا على وشك اكتشاف الجين المتعلق بالدين.. وإذا نجحنا في ذلك سنكون قد حققنا انتصارنا الأكبر في معركة النهاية.. إذ سيكفي حينا غاز ينشر أو رذاذ ينثر أو مسحوق يذاب فإذا بالدين يخلع من القلوب خلعا..
سنحاول أن نصل إلى مجتمع متوازن.. نخبة شرهة لا تشبع أبدا.. وأغلبية خانعة لا تغضب أبدا..
والآن دعونا نعود إلى ما كنا فيه..
أريد أن أنبهكم لأمر خطير لا يلتفت معظمكم إليه هو أهمية البوليس. معظمكم ينظر إليه بازدراء باعتباره شق السلطة الذي يتعامل مع العامة .. لكن الأمر ليس كذلك..إن لخدمات البوليس أهمية عظيمة لدينا، لأنهم قادرون على أن يقوموا بدور أساسي في تنفيذ مشروعاتنا، وأن يستنبطوا تفسيرات معقولة للضجر بين الطوائف، وأن يعاقبوا أيضا أولئك الذين يرفضون، لقد أفسدنا عليهم البوليس الرسمي حتى لم يعد ذو نفع لهم وإنما أصبح منفذا لأغراضنا حاميا لأمننا مهددا لأمنهم.. ولقد بلغ من إفسادنا إياه أن أصبح أكثر إجراما من العصابات المحترفة ، وبمثل هؤلاء الناس سيكون يسيرا علينا أن نتابع أغراضنا، وأن نحطم الصلابة العظيمة الفائقة لأعدائنا.. ولن تستطيعوا أن تفعلوا هذا دون سيطرة كاملة وتوظيف كامل للبوليس وامتداداته وجيوش البلطجية التي يوظفها ويسيطر عليها لتوظيفها عند اللزوم وتنظيم تجارة المخدرات والتهريب وآلاف الأشياء الأخرى.
لن نستطيع الحديث عن البوليس اليوم فالوقت قصير.. ولأنه قصير فسوف أستغله في توجيه نظر فخاماتكم وجلالاتكم وسموكم إلى نقاط مختصرة علنا نتناقش فيها في المرات القادمة.. وهي نقاط هامة جدا فلا تنسوها أبدا:
- لا تتركوا حولكم سوى الملوثين والمدانين والخونة..
- إنني أتناولكم كما أنتم لا كما يجب أن تكونوا..
- أهمية وطرق البطش بالمعارضين والقضاء عليهم..
- إن الناس يذعنون لكم بإرادتهم على أمل تحسين أحوالهم
- توصلوا إلى قمع إرادة التغيير بإقناعهم أن سيتجهون من سيء إلى أسوأ.
- يجب أن يظل المعارضون دائما متفرقين وفقراء.
- الاستمالة أو الإبادة..
- الركوع والخضوع أو الجوع..
لا تتعرضوا أنتم للمساجد.. دعوا عملاءكم من الثوار يفعلون ذلك ولو بإنزال الخطيب من على المنبر.. انتبهوا: يمكن السيطرة على الناس بواسطة أناس منهم أكثر مما يمكن السيطرة عليهم بالجيش أو بالشرطة.
- اعلموا أن الشعوب تنتقم من الجرائم الصغرى في حقها لكنها لا تستطيع الانتقام للجرائم الكبرى لأنها ستكون مشلولة
- تجنبوا الفضائح الشخصية والأخلاقية.. افعلوا ما شئتم لكن بعيدا عن عيون الناس..
- الحمى في البداية صعبة التشخيص سهلة العلاج وفي النهاية سهلة التشخيص صعبة العلاج وهكذا الحال في أمور الدولة فالحكيم يرى الخطر قبل وقوعه.
- اطمئنوا إلى المعارض الذي يحاربكم بقوته، فقوته محدودة والفشل نصيبه، الخطر من المعارض الذي يشعل حمال العامة فيحاربون معه. هذا هو الخطر الذي ينبغي سحقه دون هوادة.
- خططوا لارتكاب جرائمكم بالجملة دفعة واحدة ومرة واحدة حتى لا تضطروا للعودة إليها في وقت آخر
- نزح الثروة قد يتم بالاستيلاء والنهب والمصادرة وتلك خطة الأغبياء أما الأذكياء فيقومون باستدراج الناس إلى مشاريع اقتصادية.
- لا يمكن أن تكون سياسياً أبداً إلا أن تكون منافقاً كذاباً عديم المروءة !!
- السياسي هو شخص لديه القدرة على إقناع كل فرد في المجتمع سواء المحلي أو الدولي أنه يفهم فعلا احتياجاته و رغباته و يسعى لتحقيقها بأساليب مشروعة معترف بها مع أنه في قرارة نفسه لا يهتم لذلك كله فهو يفهمك لكي يسيطر عليك و يسألك عن احتياجاتك ليضغط عليك من خلالها و في النهاية فهو لا يسعى إلا لتحقيق ما يريد هو أو من يعمل لحسابه . و الغريب أن المواطنين في كل العالم يؤمنون " نوعا ً ما " بأن السياسي يسعى لتحقيق مصالحهم الشخصية و يعتقدون بأن الحكومة ما تشكلت إلا لتجعل المواطن سعيدا ًً !! ,
- السياسي الناجح ليس له وجهة نظر خاصة و ليس له عقيدة مفصلة معلنة و لكنه يتكلم بعموم و إجمال. والسياسي الناجح ينبغي له أن لا يدعو إلى التدين و لا إلى الإلحاد و لا إلى التفسخ و لا إلى أي مذهب و ذلك ليكون " حاكماً لكل الناس " أما السياسي المتدين فلا يحق له أن يحكم غير المتدين لأنه يجحف بحقه و لا يمنحه الحرية في ممارسة معتقده الملحد و لهذا يجب أن يكون السياسي باهت العقيدة ممسوخ الشخصية الفكرية فيكون بذلك " حاكماً لكل الفئات " و لهذا تجد السياسيين يغرمون بعبارات مثل (التوافق) و ( الوسطية في تعاطي الأمور ) و ( عدم التقليد ) و ( الإصلاح ) و ( مواكبة التقدم ) و ( جلب السعادة ) و لأنها حتى و إن كانت عبارات جميلة و ربما فاضلة غير أنها تمنح السياسي حق التذبذب و التأرجح و المراوغة و الجمع بين المتناقضات و ليس لها تعريف محدد يخرج منها ما هو و هذا ما يسمى بمصطلح السياسة بـ ( السيطرة الرمادية) حيث يجد المواطن أنه محكوم بنظام واقعي له سمعة محترمة و لكن ليس له حقيقة واضحة !! .
- كل ما أردت الوصول إليه هو توضيح أن السياسة ليست طلاسم سحرية و لا معادلة عبقرية و لكنها ببساطة " خداع ذكي و كذب كثير و فرص مستغلة و جمع بين التناقضات و جرأة على التغيير الجذري و على الدم و رائحة البارود " !. و أن السياسي يدفع نصف عمره للحفاظ على وصفه بـ " الخلوق التقي الإنسان " و يدفع النصف الآخر لكي لا يلتزم بأي شيء تقتضيه تلك الصفات ! .و أن السياسية لا تعترف بدين و لا أخلاق و أن السياسي يقدس " التوفيق و التنسيق " بين المتناقضات و يشعر بأن العيش مع المتناقضات هو النجاح الحقيقي بينما صفاء المبدأ و شفافية المعتقد تعتبر خلقاً ساذجاً و تلقائية صبيانية ! .
دعكم من تاريخ الأمة.. تجاهلوه وركزوا على تاريخ الملوك واضعين في اعتباركم أننا نتعلم من التاريخ أن الرجل لا يمكن أن يتعلم أي شيء من التاريخ.
- من حقكم بل المفروض عليكم أن تخدعوا الناس جميعا لكن لا تخدعوا أنفسكم أبدا..احصلوا على الحقائق أولاً ومن ثمّ يمكنكم تشوّيهها بقدر ما تتمنّون.
- تذكروا أنكم كبار طالما ظلت شعوبكم صغيرة.. أقوياء طالما هي ضعيفة.. فاحرصوا على ثبات المعادلة.. واعلموا أن المعادلة تنقلب بغباء بعضكم لا بذكاء معارضيكم.. وتذكروا أن للذكاء حدودا لكن لا حدود للغباء.
- أنبهكم مرة أخرى إلى خطورة الدين فالدين يعد من أكبر أسباب " تفتت الولاء " فالدين ينزع الولاء من كف الحاكم و يجعله لله ! لأن الدين يقول بأن الملك لله يعز من يشاء و يذل من يشاء و يهب الملك لمن يشاء والأرض أيضاً لله يورثها من يشاء من عباده لهذا تجد أن الأمير الذي يحكم إمارة إسلامية بالوراثة الجبرية يحرص على أن يكون جزءاً من الدين و بعضهم يجعل نفسه هو الدين بل يغير حتى اسمه فيصير (الرئيس المؤمن) لكي يكون الولاء منصرفا إليه و إذا اضطر إلى مخالفة الدين أو أراد ذلك فإنه يضطر أن يوجد معاني جديدة للولاء المقدس بحيث ينزعه من كف الدين و يجعله في كف " الوطنية " أو " العرقية " لأنها هي التي بنت الوطن أما الدين فيفرق بين الشعب!! .
- اذكر بالنظرية السياسية الحديثة المبنية على التعددية و الأحزاب فلكي يفتت الملك الولاء المقدس في قلب شعب مملكة ما فإنه يفتح المجال لانتماءات جديدة فكرية و عقدية و نفعية كحرية التجارة ثم يتقمص هو شخصية السياسي التعددي النفاقي الدبلوماسي الذي يسعى لتحقيق رغبات كل الناس فيتحول المجتمع من ولاء محوري مقدس كان مداره على الدين إلى ولاءات كثيرة كلها تصب في صالح " تثبيت حكم الأمير " لأن الأمير هو الوحيد الذي يزعم بأنه يحترم كل تلك الولاءات فيكون الولاء كله للأمير ليس لأنه ينتمي لنفس انتماءات شعبه و لكن لأنه يفسح المجال لها و يزعم احترامها و الحرص على راحتها , فليست العلمانية و الليبرالية و غيرها من المذاهب التي تنشأ كتيارات صراع داخلي ناتجة علن فيروس دخل بالخطأ فانتشر و تفشى و الصحيح أنها " منابع تم فتح القنوات لتدفقها بشكل طوعي " لأنه في الإمارات الملكية لا يحدث شيء أبداً إلا بإذن الأمير !!.
- بعض الأمراء يسعى فعلاً لجعل شعبه شعباً غير متدين لكي يتحكم بمسألة الولاء المقدس فيحولها من الدين إلى العلمانية والقومية والمذاهب المختلفة التي تشتت الناس..
- كل شعب لابد له من ولاء مقدس جديد بدل القديم يجتمع عليه و لا يمكن لأي شعب أن يجتمع إلا على ولاء مقدس مهما كان ذلك الولاء حتى و إن كان " جيفة حمار !! "
- مارسوا مع المتمردين عليكم " حرب الأسد و البرغوث " .. ولما كنتم أنتم الأسود فاعلموا أن المعارضة المسلحة أو الفوضوية تلعب معكم لعبة لا تقصد هزيمتكم بل إرباككم و هذه هي طريقة البرغوث الذي يلسع الأسد فيحك مكان لسعته فلا هو أدمى الأسد و لا الأسد يستطيع أن يجده و كذلك لا يستطيع أن يعيش حياة سوية و لا أن ينام فيتمنى الأسد لو أن البرغوث يتحول إلى أسد لكي يجلس و يتفاهم معه و ينهي هذه المشكلة و المعاناة وليس أمامكم في مواجهة ذلك إلا أن تقولوا للمعارضة المسلحة : يا براغيث تحولوا إلى أسود و تعالوا نتفاهم على ترك القتال و إنهاء المعركة والتفاوض وتقسيم السلطة.. سيقعون في الفخ.. وسيكون الملك هو الأسد الحقيقي بينما ينالون هم ألقاب الأسود الصورية و فتات السلطة !! .
- إذا أردت أن تريح نفسك من رجل فاعمد إلى إحدى طريقتين :
الأولى : أن تتملقه و تحسن إليه !
الثانية : أن تخمد أنفاسه و تنتهي من أمره ! .
***
انتهى الوقت..
انتظروني في الجزء الأهم والأخطر من هذه البروتوكولات.
الرابط التالي لقراءة و تحميل الرواية كاملة
http://freedomvoice.eu/content/docs/ArabProtocols.pdf