اخر الاخبار

الثلاثاء , 13 يناير , 2015


49- القرآن المهجور :9- بول الإبل

قبل الغروب
عوامل السقوط

نقصد بعوامل السقوط . الأسباب التى أدت إلى سقوط العالم العربى فى الوقت الحالى، وفنائه بعد ذلك ، ونحاول من خلال تسليط الضوء على هذه العوامل ، إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، أو تأخير وقوع الفناء العربى .أو عودة العالم العربى إلى الحياة ،والتأثير فيها من جديد

49- القرآن المهجور :9- بول الإبل

كنت أقوم بإنشاء معهد أزهري بإحدى القرى ،وبعد انتهاء الإجراءات وبداية العمل ، ذهبت إلى موقع المعهد ، وجلست مع اللجنة التي ستتولى الإشراف ، وبدأنا فى وضع خطة للعمل ، وطلبت منهم أحد الشباب ليقوم بحراسة الموقع ، ويكون هو الرجل الذي سأعتمد عليه في كل مراحل العمل ، وبعد أن تداولت اللجنة الأمر بينهم وقع اختيارهم على أحد الشباب يسمى عبد الحميد ، وطلبت منهم استدعاءه لكي أراه واتفق معه ، جاء الشاب وسيما قويا تبدو عليه بشارات الأمانة والاتزان من أقواله و أفعاله واتفقنا وارتبطنا أنا وهو في علاقة تقوم على التقدير والاحترام ، وكان الشاب مخلصا في عمله لدرجة يقل وجودها وكنت كلما أنزل عليه في موقع المعهد ، أجد كل شيء على ما يرام ، بالإضافة إلى أنه لا يفوته فرض فى المسجد مع الجماعة ، إلا لظروف خارجة عن إرادته ، كان محبوبا من كل أبناء القرية ، وفى ليلة ذهبت لزيارة المعهد بعد صلاة العشاء وجلست أتحدث مع عبد الحميد ، وكان يشجيني حديثه الطيب الذي يخرج من القلب ، وسألته سؤلا مباغتا : لماذا لا تتزوج يا عبد الحميد ؟
فابتسم ثم تحولت الابتسامة إلى ضحك يخنقه حياؤه المفرط
وقال : يا مولانا أنا فقير لا أملك إلا صحتى وهى نعمة من الله تعالى
وقلت : لماذا لا تختار ثم نعد للزواج وسوف أساعدك ،
قال لى عن الاختيار فكثير من فتيات القرية يرغبن فى الارتباط بى
قلت وأين قلبك ؟
قال : مع زبيدة بنت أحد أعضاء اللجنة
قلت : وما يمنعك من خطبتها إلى أن تتحسن الأحوال ؟
قال : كيف وأنا أحتاج إلى تجهيز كل شىء
قلت له : من ناحيتي سأجعل عملك لا يقتصر على الحراسة فقط ، فأنت بصحة جيدة ويمكن أن تقوم بكثير من الأعمال ، وستحصل على أجر عن كل عمل تقوم به . وفى الوقت المناسب سوف أتحدث مع والدها، ومضت الأيام وكل مبلغ يكسبه
عبد الحميد يدخره، وكنت أحيانا أداعبه بسؤاله: كيف ترى الحبيبة
قال : أحيانا تأتى للسؤال عن والدها ، قلت : وبماذا تشعر عندما تراها ؟
قال : تغيب عنى الشمس فلا أراها ، وكذلك القمر إذا جاءت ليلا ، وتغيب عنى كل الأصوات فلا اسمع شيئا
قلت : وماذا ترى وتسمع ساعتها ؟
قال : أراها جسدى الذى يتحرك على الأرض ، واسمع دقات قلبى الذى يكاد أن يتمرد علىّ ويخرج من بين ضلوعى
قلت : وهل تعتقد أنها تبادلك الحب
قال : أشعر بذلك
قلت : كيف ! ؟
قال : كلما أتت و بقيت فترة مع أبيها ، ثم انصرفت وقبل أن تغيب عن المكان تتجه ناحيتي ، وتنظر إلىَّ وتبتسم ، وفى ابتسامتها كل الأجوبة عن الأسئلة التي بداخلى
قلت : يا عبد الحميد لقد أصبحت شاعرا ، وعلمك الحب كيف ترسل المعانى وتلتقطها من غير لغة ، وكأنك علوت على الناس وتجاوزت طبيعتك .

مضت سنتان على عمل عبد الحميد معى ، وأصبح لديه مبلغ من المال لا بأس به ، وطلب منى أن أفاتح والد زبيدة فى خطبتها له ، وبالفعل تحدثت مع الرجل ، وكان رجلا نبيلا تقيا ، وقال لى : رغم ضعف إمكانيات عبد الحميد فأنا سأعتبره كأحد أولادي .
انتهى العمل في المعهد، وغبت عاما كاملا قبل أن أعود إلى القرية مرة أخرى، ولكنني عدت، ولما قابلت عبد الحميد وجدته حزينا فقلت له ما الذي يجعلك حزينا ؟ وقد قمنا بتشغيلك ضمن العمالة فى المعهد وأصبحت لديك وظيفة تضمن لك دخلا ثابتا ، ومعاشا لأولادك بعد عمر طويل ، قال : يا مولانا ذهبت مع صديقِ لى ، وكان مريضا ، وكنت أسانده حتى يقض يوما فى معمل للتحاليل وعند الطبيب ، ولكن صاحب المعمل قال لى : زميلك عنده فيرس ( سى ) فلماذا لا تجرى أنت الأخر تحليلا تطمئن من خلاله على صحتك ؟ فوافقت و أخذ منى عينة ، وفى نهاية اليوم أخبرني أنى ظهر عندي مضادات للفيروس ، ولا بد من العلاج ،
قلت له : يا بنى إن أهم ما فيك من وقت أن عرفتك هى الصحة ،
قال لى : بصوت يجمع بين اليأس والرجاء ، إن صديقى هذا سيذهب إلى مدينة الحمام وهى تقع بين الإسكندرية ومرسى مطروح للعلاج ببول الإبل وسأذهب معه إلى هناك حتى أعود سليما ، وأتزوج من زبيدة ، قلت يا عبد الحميد ، بول الإبل هو خلاصة السموم الموجودة فى الإبل فقال : إننا نشرب معه كمية من لبن الإبل ، وأنا سمعت أحد المشايخ الذى أتى لإقناع مرضى القرية للعلاج
يقول : إن هذا من الطب النبوى ، النبى صلى الله عليه وسلم يقول تداووا بألبان الإبل و أبوالها .
قلت : لا يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو الذى علم البشرية الطهارة ، وارتقى بالعرب حتى جعلهم شهداء على الناس
قال لى : سأذهب مع السيارة التى تجمع الناس للعلاج بالبول وأسألك الدعاء ، وسافر عبد الحميد ، وتوارت الحكاية فى رأسى لكثرت إنشغالى .

وفى يوم من الأيام دق جرس الهاتف فى بيتى ، وعلى الطرف الآخر جاء صوت صديق من أهل هذه القرية ، وقال لى : إن عبد الحميد يحتضر ويسألك الحضور فورا ًلأنه يريد أن يسألك بعض الأسئلة قبل أن يموت .
أسرعت فى الذهاب إلى القرية ، وعندما دخلت عليه وجدت أمامى هيكلا عظميا مخيفا ، لأكثر شباب القرية وسامة وقوة ، وطلبت من الحضور مغادرة الغرفة ، واقتربت من عبد الحميد حتى لامست أذنى فمه وقلت له قل ما تشاء
قال لى : هل سألتقى بزبيدة فى الجنة ، بعد أن عز علينا اللقاء فى الدنيا ، قلت له هذا أمر فى علم الله تعالى ، ولكنى سأدعو الله لك أن تكون من نصيبك
قال لى : هل ستستمر فى تحذير الناس من العلاج ببول الإبل ؟
قلت : أعدك بذلك ، ولكن هناك بعض أدعياء العلم من الذين يحفظون ولا يفهمون ومواعظهم وكلامهم أكثر سمية من بول الإبل ، الذى قضى عليك وعلى أمثالك من خيرة شباب مصر والعرب .

وفى نفس اليوم من الأسبوع التالى كنا نمشى فى جنازة عبد الحميد نودعه إلى مثواه الأخير ، ضحية الجهل والتخلف ، وفكرت ودرست عن هذه المهزلة وخرجت بعدة ملاحظات :

الملاحظة الأولى :
أن هذا الحديث بهذه اللغة يُّرد وهو [ يلغى ] أية من القرآن الكريم
(وَإِنَّ لَكُمْ فِى ٱلأَنْعَـٰمِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ ) سورة النحل الآية 66 ، فالله تعالى يبين لنا إعجازه فى استخلاص اللبن من الإبل من بين البول والبراز والدم لبنا خالصا سائغا للشاربين فالمعجزة فى الفصل بين هذه العناصر ، فلا يمكن للحبيب المصطفى صلى اله عليه وسلم ، أن يأمر الناس بإعادة خلط البول باللبن ، وإلا عارض ذلك القرآن الكريم وألغاه وهو لا يتصور من المبلغ العظيم صلى الله عليه وسلم ، ولقد رجعت إلى معظم التفاسير لهذه الآية (النحل 66 ) فوجدت إجماعا منهم على أن المعجزة هي معجزة الفصل بين البول الذي يحمل السم الخارج من الجسم ، والدم الذي ما زال يحمل أجزاء من السم ، سيخرج عن طريق الكلى سما في البول .

الملاحظة الثانية :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذي كان يعلم البشرية الرقى والطهارة لا يمكن أن يأمر الناس بهذه القذارة المدمرة للصحة .
الملاحظة الثالثة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم برىء من هذا القول وكل علماء السنة الأشراف ليسوا مسئولين عن هذا ، وأن إضافة البول إلى الحديث دُس أثناء الطبع ، أو حدث سبق قلم من الكاتب ، لأنه يمكن تصور الحديث هكذا
[ تداووا بألبان الإبل /ألبانها ] وتنصب ألبانها على الاختصاص للتأكيد لأن في لبن الإبل فوائد عظيمة .

الملاحظة الرابعة :
أن بعض الناس الذين يذهبون إلى مزارع البدو لشرب بول الإبل تتحسن صحتهم بعض الشيء ، لكن يتخزن السم فى الكبد حتى يتحول إلى مرض خبيث
[ السرطان ] فيما بعد ، أما التحسن فسببه أن أصحاب المراعى يقدمون للناس بولا للإبل وبعده يقدمون لهم لبنا للإبل ، ولبن الإبل فيه مادة تقوى المناعة بشكل مباشر وتذيل سم البول جزئيا ، وليتهم يعالجون الناس بألبان الإبل خالصة : كانوا قد حققوا منافع كثيرة للناس

الملاحظة الخامسة :
ان كل من يروج للعلاج ببول الإبل يجب على الدولة القبض عليه وإلقائه فى السجن لحماية الناس من خطر ما يروج له ، مهما كان عمله سواء كان خطيبا على منبر أو أستاذا فى الجامعة فهما فى الجهل والجرم سواء ، وليعلم من لا يعلم من القراء أن البول يحتوى على مادة [ البولينا ] ومادة [ اليوريا ] ، ومواد أخرى شديدة السمية مثل [ الكرياتينين ] والقول بأنه علاج جريمة قاتلة ، وعندما تزيد مادة من هذه المواد فى بول الإنسان ، يكون ذلك نذير خطر على حياته ، ولدينا فى مصر 4 أربعة ملايين يقومون بالغسيل الكلوي 3 ثلاث مرات فى الأسبوع ، بسبب زيادة نسب هذه المواد فى الدم مجتمعة ، أو زيادة أحدها ، والمريض الواحد يكلف الدولة 84000 أربعة وثمانين ألف دولار حتى يلقى ربه بعد كل هذه الخسارة المادية ، بجانب عجزه عن العمل الذى يساوى 5 خمسة أضعاف هذا المبلغ .

الملاحظة السادسة :
يجب رد هذه الحديث متنا وإن صح سند ا لأنه يعارض آية من القرآن ويلغى ما فيها من إعجاز، ولمن لا يريد رد الحديث فعليه حذف كلمة الأبوال لأن هذه الكلمة لا وجود لها فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دست على كتب الحديث لتكثيف الجهل والطعن فى الإسلام وهذا البول لا وجود له إلا فى رؤوس الذين يرددون هذا الكلام الغريب

الملاحظة السابعة :
يجب الحرص على تناول ألبان الإبل وعلاج الكبد عن طريق المتخصصين من الأطباء خاصة الأذكياء الأتقياء لأن انحراف بعض الأطباء يقف كسبب أصيل لانحراف المرضى وإسلام أنفسهم للمجرمين الذين يسقونهم السموم من أبوال الإبل. يقول المتنبى :
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم

إنا لله و إنا إليه راجعون

بذنوبنا أعطانا الله جهلا يغنينا عن كل علم

ا.د محمد أبوزيد الفقى

22 ربيع الأول 1436هـ ، 13 يناير 2015م

الموقع الألكترونى www.mohammedalfeqy.com
Dr. MoHaMMeD Abo ZeeD AlfeQy صفحة الفيس بوك


القراء 1297

التعليقات


مقالات ذات صلة

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((( الأسد المركوب )))

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((المطبخ))

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( الناس))

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((مسوخ أرض عاميس))

حروف ممنوعة بقلم/ هشام حسن الببغاوات

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((قفا نبك من ذكرى آخر أسهمى))

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((عصا وأرجوز))

حروف ممنوعة _ هشام حسن الخوازيق

تعقيباً على لقاء أجناد مصر بقلم/ إحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((خووووووووود))

القرآن المهجور : بول الإبل بقلم ا.د محمد أبوزيد الفقى

القرآن المهجور : بول الإبل بقلم ا.د محمد أبوزيد الفقى

دولة ‫‏الخلافة‬ لا يعاديها أحد إلا فضحه الله بقلم/ الشيخ عبد المجيد الهتاري الريمي

طواغيت، منافقون، عبيد بقلم/ أحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( السفينة ))

الإرهاب و السحر عند الفراعنة

ﻓﻲ ﻇﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ

بروتوكولات حكماء العرب البروتوكول الثاني

هجمات باريس وإرهاب الإسلام - حسن أبو هنيّة

هل حان الوقت لكي نفهم ؟ بقلم المستشار/ محمد يوسف عدس

الايدولوجيا و الدين و المسلمين و الحرث في الماء بقلم المهندس/ خالد غريب

الايدولوجيا و الدين و المسلمين و الحرث في الماء بقلم المهندس/ خالد غريب

تأملات في الواقع بقلم/ حسين بن محمود

النماذج الثلاثة

عبادة الرموز و تقديسها بقلم/ أيمن إمام

بروتوكولات حكماء العرب الجنس الثالث..!!.. البروتوكول الخامس د. محمد عباس

التعصب للجماعات يعمي البصيرة حتى و لو كانت الجماعة جماعة مجاهدة

جاءت الملاحم يامسلمون فتهيئوا لها

انتصارات الدولة الإسلامية وشعبيتها

غلام الجاهلية

انتهت مرحلة الردود على الشبهات بقلم أحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((الرجل ذو الألف مسبحة))

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( الفلاشة ))

طه عبد الرحمن، السياسة والترجمة: أي معنى للإبداع؟

سلسلة قبل الغروب عوامل السقوط الحضارة و التخلف

لماذا فشلت الثورات العربية؟ أحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( ليلة التاسع من نوفمبر ))

تعليقاً على المصالحة المصرية القطرية.. أحمد طه

و إذا كان العرب أغبياء فلم نلوم الغير ؟

تعليقاً علي خبر القبض على شاب وفتاة بالمترو تحدثا بالإنجليزية



خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net