كتب الشيخ عبد المجيد الهتاري الريمي:

التعصب للجماعات يعمي البصيرة حتى و لو كانت الجماعة جماعة مجاهدة

كنت أتصور أن كل المجاهدين ــ وهم على ذروة سنام الإسلام ــ سيكونون تربويا ومنهجيا في مسائل الخلاف أحسن من غيرهم من منسوبي الجماعات وهم كذلك من حيث الجملة ولكن تظهر منهم عينات كان القلب سيقطع بأنهم دخلاء لولا أن الدولة الإسلامية والخلافة جعلها الله اختبارا للجميع فظهرت عينات في المجاهدين على مستوى القيادة تقول حين تسمع كلامهم ليتهم لم يتكلموا باسم الجهاد فالجهاد لا يقبل النطيحة والمتردية وتقول حين تسمع كلام بعض أتباعهم كيف يكون هؤلاء من المجاهدين ولولا الترويح على النفس بأن هؤلاء يمكن أن يكونوا من الدخلاء المخترقين أو وأصحاب الشرائح لقيل على الجهاد والمجاهدين السلام .
ولهذا سأنبه على أمور يسلكها المجاهدون أو بعضهم أو بعض من ينتسب إليهم سواء كان منهم أو دخيلا وذلك لأن الجهاد شريعة من الشرائع التي يجب التناصح فيها حرصا على سلامتها من كل الشوائب وحفاظا على مقامها الرفيع لا يتسوره كل من هب ودب فإنه تجب الحسبة على من يشوهها كما تجب الحسبة على كل مبتدع أو علماني سواء بسواء بل الحسبة على من يمثل الإسلام أولى من الحسبة على من يمثل الإلحاد أو البدعة لما يحصل من السكوت عنه من تشويه الإسلام بأيدي حملته وهذا من باب التناصح الذي سماه رسول الله أنه هو الدين فمن ذلك :
الأمر الأول : تناقشه بالعلم والأصول فيكون جوابه وهل يمكن أنه يكون المجاهدون الذين يبذلون أرواحهم على باطل وأنت أيها القاعد على حق ومعلوم أن المسألة مبنية علميا على قوة الحجة أو ضعفها وليس على مسألة هل أنت من المجاهدين أو من القاعدين .
ثانيا : تناقشه بعلم وتأصيل في مسألة فيجيبك ولماذا أنت قاعد ومعلوم كذلك أن الصواب والخطأ لا علاقة له بمسألة كونك تنفر أو لا تنفر وإنما علاقته بسلامة استدلالك من عدمه .
ثالثا : تناقشه بعلم وتأصيل فيتهمك بأنك تريد الفتنة بين المجاهدين ثم يقولون والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها فيلعنون من يناصحهم غيرة لله ولرسوله وحمية على الجهاد والمجاهدين أن يؤتى الإسلام من قبلهم ومعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الإسلام لا يجوز أن يترك لأن مرتكب المنكر من فضلاء الناس أو من خيارهم ولم يقل أحد من أهل العلم أن من كان من المجاهدين أنه لا يوجه له نصيحة لأنه أفضل من غيره ويبذل روحه من أجل الله ومعلوم كذلك أن الفتنة الحقيقية هي في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلو ترك أهل العلم النصيحة بحجة أن ذلك يثير الفتنة أو أن من نصحته سيفهم أنك تريد الفتنة لعم الفساد ولفشت المنكرات .
رابعا : تناقشه بعلم وتأصيل فتذكره بغاية جهاده وتدعوه إلى مناصرة الشريعة التي قامت والخلافة التي ظهرت فيكون جوابه : أنت مخابرات أو من الأمن القومي الذين يركزون على التحريش بين المجاهدين ومعلوم أنه لو فرض كون الناصح من المخابرات لوجب قبول الحق مادام حقا فقد قبله الرسول من اليهود وأخبر أن الشيطان صدق أبا هريرة في مسألة مع وصفه له بأنه كذوب
خامسا : تناقشه بعلم وتأصيل وتذكره بأصوله ومنهجه فيكون جوابه يا فلان الحوثي بجوارك ماذا فعلت من أجله ؟ ومعلوم أنه لا علاقة لقبول النصيحة بكونك مفرط في واجب آخر أو لك عذر فيه فقد تكون تركت ذلك الأمر لمصلحة شرعية أو لأن غيرك قد قام بالواجب أو لأنك على جانب آخر من الدين لا تقدر الجمع بينه وبين ذلك الواجب الذي يعيرك بتركه والرسول عليه الصلاة والسلام قال (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ) ومعلوم أن الاستطاعة ترجع إلى الاستطاعة المادية أو الاستطاعة الشرعية بمعنى أن الفتوى قد توجب عليك أن لا تغير المنكر بيدك وحتى أنها قد تقتضي أن لا تغيره بلسانك في بعض الأوقات أو الزمان أو المكان فتكون ممنوعا شرعا بمعنى أن الشرع منعك ولو كنت قادرا ومنعه لك ليس من جهة الأسباب والوسائل وليس كذلك جبنا أو خوفا وهؤلاء يتهمون من لم يوافقهم على ما رأوه بأنه جبان أو خائن أو يريد الحياة الدنيا أو غير ذلك من الاتهامات الدالة على انعدام التقوى أو ضعفها أو جهل شديد بأحوال الفتوى والمفتين .
سادسا : تناقشه بعلم وتأصيل فيقول لك أنت دخيل وهابط مظلي على المجاهدين ومعلوم فساد مثل هذا الجواب لأن مثاله كمثل من ينصح لعالم أو متعلم ويكون محقا فيقول المنصوح أنت هابط مظلي على العلماء أو من نصح لوال فيقول له أنت هابط مظلي لست ممن أوكل إليهم هذا الأمر أو كمن نصح أصحاب الأموال وهو فقير فيقولون له أنت هابط مظلي على التجار المهم أن قائل مثل هذا الكلام قد أخذ منه العجب مأخذه فهو يتصور أن الجهاد ورثه عن أبيه أو عن أمه وأنه أحق بميراث أبيه وأمه من غيره وكفى بهذا حماقة وسخفا .
تناصحه بعلم وتأصيل وتطلب منه القيام بواجبه الشرعي فيقول لك فلان ــ الذي سبقه إلى ذلك الواجب فعل كذا وكذا أو قال كذا وكذا ـ ومعلوم أنه لا علاقة للتعاون على البر والتقوى ولو مع الفاجر بأخطاء ذلك الذي دعاك وخير مثال على ذلك ما جاء في أصول أهل السنة أنه يجاهد مع الأمراء الظلمة الفجار وأن فجورهم على أنفسهم وأما الجهاد معهم ففي مصلحة المسلمين .
فهذه أمثلة تبين لك أن المجاهدين طلبة علم قد يصيبون الحق وقد يخطئونه وقد يتعاملون كما تأمرهم به الشريعة وقد يتعاملون بخلاف الشريعة فمثلهم كمثل العلماء فيهم البر والفاجر والورع وغير الورع وفيهم من له غرض دنيوي من العلم تماما كمثل المجاهد وصدق رسول الله حيث قال ما معناه أن من قاتل لا يريد إلا عقالا فليس له من الجهاد إلا ما نواه .
ولهذا اسمحوالي أن أقول أن أي جماعة جهادية وجدت فيها مثل هذه الأمراض فهو إيذان بأسباب هلاكها وفتنتها و يخشى أن يبدل الله غيرها ليكون أكثر مطابقة لأحكام الجهاد وأخلاقه منها .

بقلم: #مصطفى__الشيخ