اخر الاخبار

الأحد , 11 يناير , 2015


حروف ممنوعة _ هشام حسن



(( السفينة ))

.............
.........
......

كان صباحا مشرقا جميلا فى ذلك الميناء العريق ... الحركة تموج بها الأرصفة فاليوم ستبدأ الرحلة .... السفينة العملاقة التى لم يبن لها مثيل رابضة تزينها الأعلام المرفرة على الصوارى العالية ... وضباط السفينة فى حلل بيضاء زاهية يقفون على مداخل الركاب ليستقبلوا ضيوفهم بما يستحقون
تقاطر الآلاف لركوب الباخرة فى تلك الرحلة التى دفعوا فيها الغالى والنفيس فالبرنامج حافل بكل المسرات وقمرات الركاب آية فى الفخامة والأبهة ناهيك عن ما سيقدم من أطايب الطعام والشراب فى الرحلة التى ستدوم شهرين فى أعالى المحيطات
تم كل شئ على أكمل وجه وألقى القبطان كلمة ترحيب بالركاب و أكد لهم أنه وكل الطاقم سيسهرون على راحتهم وأن السفينة مملؤة بالخيرات كما أن فى الطابق الأسفل منها عدد كبير من الحرس الأشداء وقائدهم كبير الحرس لحماية السفينة من أى قراصنة قد يعترضونها
بدأت الرحلة وسارت أياما على خير مايرام ولكن ذات يوم وبعد أن تناول الركاب إفطارهم وعادوا إلى قمراتهم وجدوا أن هناك من عبث بأمتعتهم .... الغريب أنه لم يختفى شئ من المجوهرات ولا الأموال ولكن ما أختفى هو كل الجوارب النسائية من كل القمرات !!
إنزعج الركاب لذلك الحادث وامر القبطان كبير الحرس بفحص الأمر لكنه عاد إليه بأنه لم يجد شيئا يدل على الفاعلين ... إعتذر القبطان للركاب وأمر كبير الحرس بتشديد الحراسة خلال أوقات الطعام
بعد يومين وبعد أن تناول المسافرون إفطارهم وعادوا إلى قمراتهم فوجدوا أن هناك من عبث بأمتعتهم .... هذه المرة إختفت كل الجوارب الرجالية !!
غضب الركاب غضبا شديدا وثار الربان على كبير الحرس وعنفه ولكن كبير الحرس أكد له أن رجاله كانوا مشغولين بتأمين حدود السفينة خوفا من أن يهاجمها قرصان
إعتذر الربان للركاب وأكد أنه سيتم تعويض الركاب عن جواربهم
بعد يومين وبعد أن تناول المسافرون إفطارهم وعادوا إلى قمراتهم وجدوا أن هناك من عبث بأمتعتهم .... هذه المرة إختفت كل ربطات العنق !!
ثار الركاب ثورة عارمة وذهبوا للربان ليطلبوا تفسيرا لما يحدث لكن الربان أختفى وظهر كبير الحرس وألقى كلمة عليهم يخبرهم بأنه قد قبض على الربان وبعض من معاونيه لأنه يخاف على من فى السفينة وأنه قد وجد دلائل على أن القبطان ومعاونوه هم من سرقوا الجوارب والربطات وأنهم فى الطابق الأسفل لحين التحقق من الأمر وأنه من الآن فصاعدا هو الربان
هللت جمهرة من الركاب للأمر بينما قال بعض من لديهم شئ من فطنة ( ولماذا يسرق ربان جوارب ركاب سفينة هو المسئول عنها ... ثم أن الربان مسئول عن قيادة السفينة بينما كبير الحرس هو مسئول الأمن وهو من قصر فى واجبه )
كان كلامهم منطقيا ولكن التاريخ يشهد بأنه ما من منطق قد فرض واقعا أبدا .... فقد تاهت كلمات المنطق وسط خوف غريزى عم الركاب وهللوا آملين فى رضاء كبير الحرس ليحميهم
بعد يومين وبعد أن تناول المسافرون إفطارهم وعادوا إلى قمراتهم وجدوا أن هناك من عبث بأمتعتهم .... هذه المرة إختفت صدريات النساء !!
خطب كبير الحرس فى الركاب قائلا (إنهم بعض مؤيدى القبطان ما زالوا يعبثون ويسرقون ولذا سنسن قانونا جديدا للقضاء على السرقات)
القانون الأول : يخفض طعام الركاب إلى النصف والنصف الآخر للحرس مقابل عملهم لساعات إضافية حتى نقضى على المعاونين والسرقات
إعترض البعض من الركاب وقالوا هذه مسئولية الحرس وهم يتقاضون عليها أجرا .. ولكن خوفا غريزيا دفع الأغلبية للقبول وهم يؤكدون أن حماة السفينة يستحقون فهم من أنقذوهم ممن سرقة الجوارب و الصدريات
بعد يومين صحى الركاب من نوم ثقيل جدا عم السفينة ليجدوا كل ملابسهم مسروقه !!
كيف ناموا هكذا ولم يشعروا بالسارقين ؟ .... شكوا الأمر لكبير الحرس فسن قانونا
يأخذ الحراس ثلاثة أرباع طعام الركاب ليقيم حارس فى كل قمرة مع الركاب ويسهر طوال الليل فنمنع السرقات .....وهكذا أصبح الحرس داخل القمرات ... تضايق الركاب ولكن أصواتا تعالت .... لنتحمل فهم فى القمرات لحمايتنا
بعد يومين صحا الركاب من نوم ثقيل جدا فوجدوا أنفسهم عرايا فى أسرتهم .... لفوا أنفسهم فى الملاءات وشكوا لكبير الحرس فسن قانونا .... نربط كل راكب بحارس فلا يستطيع أحد أن يؤذى راكبا
نام الرجال من الركاب فى أسرتهم وهم يسمعون فحيحا ساخنا من الحراس على الطرف الآخر من أسرتهم لكنهم أقنعوا أنفسهم بأنه ربما يصدر عن غلايات السفينة
ملاحظة مهمة :أنا لم أكتب القصة أعلاه فقد وجدتها مكتوبة على أوراق فى زجاجة على شاطئ وكتبها فيما يبدو أحد من كانوا على السفينة
وكان أخر ما كتب صحونا يوما بعد أن تأكدنا من أن الحراس يفعلون أشياء غير أخلاقية فلم نجد كبير الحرس لنشكو إليه ... ذهبنا إلى قمرته فمنعنا حارسه الشخصى من الدخول لأن كبير الحرس يمنع تماما أن يدخل أى شخص قمرته
مرت أربعة أيام دون ظهور كبير الحرس فكسرنا الباب لنجد منظرا عجيبا كان كبير الحرس جيفة هامدة محشورا بين مرتبة سريره العالية حتى لترتفع متربن والسقف ويبدو أن كرشه المرتفع بفعل الشراب والطعام حشره زياده ... فتحنا المرتبة العجيبة فوجدناها تمتلئ بالجوارب والربطات وفى أعلاها الصدريات !!
ألقينا بجثته العفنة فى البحر وبنبحث عن الربان لعلنا نجده فى مخبأ سرى هنا أو هناك.... السفينة تائهة وربما لم يعد هناك سوى بصيص خافت من أمل نجاة .....لذا أكتب قصتنا لعلها تصل إلى أحد فينبهكم لتفكروا دوما ..... عدوكم من يستفيد إذا سرقت الجوارب والصدريات !!


القراء 1210

التعليقات


مقالات ذات صلة

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((( الأسد المركوب )))

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((المطبخ))

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( الناس))

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((مسوخ أرض عاميس))

حروف ممنوعة بقلم/ هشام حسن الببغاوات

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((قفا نبك من ذكرى آخر أسهمى))

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((عصا وأرجوز))

حروف ممنوعة _ هشام حسن الخوازيق

تعقيباً على لقاء أجناد مصر بقلم/ إحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((خووووووووود))

القرآن المهجور : بول الإبل بقلم ا.د محمد أبوزيد الفقى

القرآن المهجور : بول الإبل بقلم ا.د محمد أبوزيد الفقى

دولة ‫‏الخلافة‬ لا يعاديها أحد إلا فضحه الله بقلم/ الشيخ عبد المجيد الهتاري الريمي

طواغيت، منافقون، عبيد بقلم/ أحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( السفينة ))

الإرهاب و السحر عند الفراعنة

ﻓﻲ ﻇﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ

بروتوكولات حكماء العرب البروتوكول الثاني

هجمات باريس وإرهاب الإسلام - حسن أبو هنيّة

هل حان الوقت لكي نفهم ؟ بقلم المستشار/ محمد يوسف عدس

الايدولوجيا و الدين و المسلمين و الحرث في الماء بقلم المهندس/ خالد غريب

الايدولوجيا و الدين و المسلمين و الحرث في الماء بقلم المهندس/ خالد غريب

تأملات في الواقع بقلم/ حسين بن محمود

النماذج الثلاثة

عبادة الرموز و تقديسها بقلم/ أيمن إمام

بروتوكولات حكماء العرب الجنس الثالث..!!.. البروتوكول الخامس د. محمد عباس

التعصب للجماعات يعمي البصيرة حتى و لو كانت الجماعة جماعة مجاهدة

جاءت الملاحم يامسلمون فتهيئوا لها

انتصارات الدولة الإسلامية وشعبيتها

غلام الجاهلية

انتهت مرحلة الردود على الشبهات بقلم أحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن ((الرجل ذو الألف مسبحة))

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( الفلاشة ))

طه عبد الرحمن، السياسة والترجمة: أي معنى للإبداع؟

سلسلة قبل الغروب عوامل السقوط الحضارة و التخلف

لماذا فشلت الثورات العربية؟ أحمد طه

حروف ممنوعة _ هشام حسن (( ليلة التاسع من نوفمبر ))

تعليقاً على المصالحة المصرية القطرية.. أحمد طه

و إذا كان العرب أغبياء فلم نلوم الغير ؟

تعليقاً علي خبر القبض على شاب وفتاة بالمترو تحدثا بالإنجليزية



خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net