كتب أحمد طه:
لماذا فشلت الثورات العربية؟
يجب علينا أن نقف أمام هذا السؤال طويلاً، ونتمعن فيه، وفي أسبابه.. بكل صدق مع النفس، وبكل تحرر من أسر الحزبية، وبكل موضوعية تبحث عن الحقيقة، وبكل حزن وأسى على المشهد الشاخص أمام العين وهي مازالت ترى الشباب يتساقط في الميادين.. لأجل.. لا شيء !
إن الفشل في الثورات العربية.. ذات طبيعة خاصة ! فمثلاً:
تونس كان يحكمها بن علي، ثم قامت ثورة.. فأتت في النهاية بـ "كلب" بن علي الذي هو ( وزير داخليته ودفاعه ) !!
مصر كان يحكمها مبارك، ثم قامت ثورة.. فأتت في النهاية بـ "سيسي" مبارك الذي هو ( مدير مخابراته ) !!
اليمن كان يحكمها صالح، ثم قامت ثورة.. فأتت في النهاية بـ "بغال الفرس" ومازالت المعركة مستمرة بعيداً عن "صندوق الاقتراع"..!!
لقد أسقطت الثورات رؤوس أنظمة وحشية عميلة طاغوتية، ودُفعت ضريبة باهظة جداً من أجل هذه الثورات من الدماء والأموال والأرواح، ثم تم "ابتلاع" هذه الثورات جميعها إما عن طريق "صندوق الاقتراع" أو "الانقلاب العسكري" أو "الدعم الخارجي" !
لقد تم خداع الشعوب ! نُوديت بآلامها وأمالها وأحلامها، فتحركت في وسط الجموع الثائرة الهائجة.. عسى أن تدرك ولو شيئاً يسيراً من كرامتها المهدرة أو حقوقها المسلوبة.. خاطبها الخونة بمفردات علمانية سواء أكانت علمانية ليبرالية أو علمانية إسلامية!.. خاطبها الخونة بـ ( الحرية - الديمقراطية - حقوق الإنسان - العدالة الاجتماعية - السلمية - التوافق ... إلخ ) وظنت في الخونة خيراً فكانت النتيجة أن ضاعت الثورات هباء، كأن شيئاً لم يكن، ثم خدعوها مرة ثانية أن نتيجة الثورات تستغرق وقتاً وسنوات طويلة !! وإنه حقاً نتيجة الثورات تستغرق وقتاً ولكن عندما بالفعل تستأصل النظام الذي قمت بالثورة عليه.. لا أن تسقط رأس النظام فتأتي بكلبه !!
فشلت الثورات العربية لأنها مقطوعة الصلة بالإسلام.. الإسلام بالنسبة لها مكون روحي وثقافي وشعائري ليس له علاقة بـ "الصراع السياسي" و"دولة الحريات" هكذا تعلمت وتربت، ولما فقدت الشعوب حصنها الحصين وهو "الإسلام" "اُغتصبت" من كل أحد.. اغتصبت من النظام، واغتصبت من معارضة النظام، ومازال الاغتصاب مستمراً.
ويستحيل استحالة تامة أن تحصل شعوب الأمة المسلمة على حقوقها بمعزل عن عقيدة ترد الأمر كله لله، والجهاد في سبيل الله لاستئصال الطواغيت، والعلمانية، ومؤسساتها، ولفظ الخونة والكذبة مما يدّعون أنهم يحملون لواء الإسلام، وإن هم إلا خدم للطواغيت في النهاية يسارعون إلى التوافق والمصالحة والمشاركة معهم.
إن شعوب الأمة المسلمة أسيرة ومطبق عليها من كل جانب ! فهي إما أسيرة العلمانية الليبرالية التابعة للصليب، أو هي أسيرة العلمانية الاستبدادية التابعة أيضاً للصليب، أو هي أسيرة العلمانية التي تتمسح في الإسلام.. وإن هي إلا برجماتية قذرة عنفة، يتم احتواء وتفريغ طاقات الشعوب في كل طريق.. إلا طريق الحق والخير الذي كتبه الله تعالى للأمة المسلمة، تمضي الأمة في كل طريق إلا صراطه المستقيم..!!
ومازال الخونة من كل نوع يؤملون الشعوب بـ الحل السياسي، وصندوق الاقتراع، والمقاومة السلمية...إلخ.
وإن كونك ديمقراطياً أو ليبرالياً أو حتى ملحداً، فلن تُقر مذهبك ودينك إلا بـ "القوة" أو أن تكون "تابعاً" لمن يملك القوة..
حقيقة بديهية يشهد لها التاريخ والواقع والحياة.. لا تحتاج إلى كبير جهد لإثباتها..
في الإسلام: الحمد لله أن جعل إعداد القوة طاعة وأمر، وجعل الجهاد في سبيله طاعة وأمر.. ولا سبيل لإقامة الدين، وتحكيم الشرع إلا بـ "القوة" وهي - في الإسلام - ليست مجرد بديهية يقتضيها العقل.. بل "عبادة وطاعة" ابتداء.
وأما من يقول "سلمية"- سواء أكان المذهب أرضي وضعي، أو دين الحق - فهو مجنون أرعن يُلقي بالناس إلى التهلكة أو يريد أن يجعلهم صغاراً أذلة.. تابعين للأقوى !
وستظل الشعوب سواء ثارت أم سكنت في حالة من الاغتصاب والذل والقهر والهيمنة والتبعية.. حتى "تراجع دينها" وتستسلم لـ "شرع ربها" وتجاهد في "سبيله" ومهما انتظرت فلا طريق إلا هذا الطريق، ومهما ضحت فلا طريق إلا هذا الطريق، ومهما بذلت فيه فلا نصر ولا تمكين إلا من هذا الطريق.
* * *
موضوعات ذات صلة: ( المقال والروابط في التعليقات )
- الجزيرة وتركيا. (نُشر في 28 / 6/ 2014)
- خطورة الفكر الإخواني المعاصر على بعث الإسلام من جديد.
- لله ثم لله.
- دين البرجماتية.
- الدعوة والبرجماتية.
- صلح الحديبية والبرجماتية.
- المتدين العلماني.
- خطورة الفكر التوافقي على بعث الإسلام من جديد.
- خطورة الفكر العلماني على بعث الإسلام من جديد.
- المقاومة السياسية للطاغوت.
- المسلمون والطواغيت.
- أجهزة الاستخبارات الفكرية.
- الثورة والجهاد.
- المقاومة والجهاد.
- الإسلام ومشكلاتنا السياسية.
- الحرية بين الإسلام والعلمانية.
- خطورة الفكر الديمقراطي على بعث الإسلام من جديد.
- اعرف مهتمك.
- آلية قراءة قضايا الأمة المصيرية "تحت الإعداد".
رابط صفحة الفيس بوك
https://www.facebook.com/ommaty1401 رابط المدونة
http://www.ommaty1401.blogspot.com/ أحمد طه