الإرهاب و السحر عند الفراعنة
الشيخ/ سعيد عبد العظيم
من مشايخ الدعوة السلفية المصرية
شار الملأ على فرعون أن يواجه سحر موسى بسحر مثله، و هكذا قلبوا الحقائق، فالمعجزة سموها سحرا كما يسمون الإيمان إرهاباً
"قَالُوا أَرْجِهِ وَ أَخَاهُ وَ ابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ. يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ.
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ. وَ قِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ. لَعَلَّنَا
نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِين"
فرعون يدَعى الربوبية و الألوهية فلماذا لا يواجه التحدى و يجهز بنفسه على موسى و معجزته, و كيف يستعين بالسحرة و يتبعهم و هو يدَعى هذه الدعوى العريضة لنفسه؟
قمة العجز و الضعف و التناقض، و تعجب غاية العجب كيف عبده شعبه و كيف أحبوه و أطاعوا أمره
"وَ مَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ .يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَ بِئْسَ الْوِرْدُ
الْمَوْرُودُ. وَ أُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ"
جمعهم فرعون يوم الزينة ليشهدوا المباراة بين السحرة و موسى، و دائماً ما تتجمع الجماهير لمثل هذه الأمور دون أن تفطن إلى أن حكامها الطغاة يلهون بها و يشغلونها بهذه الاحتفالات و المباريات ليُلهوها عما تعانى من ظلم و قهر و بؤس
"فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ. قَالَ
نَعَمْ وَ إِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ"
قيل جمع سبعين ألف ساحر لمواجهة موسى الأعزل إلا من سلاح الإيمان، جماعة مأجورة، تبيع نفسها للشيطان، جاهزة للاستعمال و الاستخدام فى كل مكان و فى كل زمان، لا تتورع عن مواجهة الصالحين، حتى لو تأدى ذلك إلى البطش بهم، و الحرة كانت و لا زالت لا تأكل بثديها، فأكل التراب أهون عندها من بيع عرضها و دينها، و تبدأ المواجهة
"قالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُون. فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَ عِصِيَّهُمْ وَ قَالُوا بِعِزَّةِ
فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُون. فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُون.
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِين.قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِين. رَبِّ مُوسَى وَ هَارُونَ.
قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ
تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِين .قَالُوا لا
ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُون. إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ
الْمُؤْمِنِينَ"
لا يثبت الباطل مهما انتفش أمام الحق، فهو أوهى من بيت العنكبوت، قد يحاول الباطل أن يستجمع شتاته و قواه من هنا و من هناك, و لكن لا بد و أن ينتهى و يزول
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَ أَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ"
فيلجأ الطغاة إلى مزيد من التهديد و الوعيد و التصعيد لعلهم يوقفون زحف الإيمان, و هيهات ثم هيهات, فالنفوس التى اعتصمت بالواحد القهار لا ترهبها قوى الأرض.