كتبت هناء المداح:
أرجوك.. ارحم أعصابي.
سنوات طوال وأنا محتسبة صابرة على غضبك السريع وانفعالك الزائد وما يتبعهما من سب ولعن واتهامات جزافية وضرب أحيانا لأتفه الأسباب !.. سنوات وأنا أحاول جاهدةً الحفاظ على "شعرة معاوية" بدفعي دوما بالتي هي أحسن وكظم غيظي وكبت آلامي وأوجاعي بداخلي رغم ما أتحمله من أعباء جسام تنوء بحملها الجبال، حتى أُجَنِّبك ونفسي انفجارًا هائلًا لو أطلقت له العنان لقضى ودمر كل شيء أمامه!..
سنوات، وأنا أتسامح وأتهاون في حقي وأتغاضى عن أمور تصدر عنك شديدة الأذى والضرر بأعصابي وبدني وصورتي أمام نفسي وأمام الأبناء، وكلي أمل أن ينصلح حالك، إلا أنك تزداد غضبًا واستدعاءً للانفعال والعصبية، مبررًا لنفسك ومبيحًا لها فعل ما لا ينبغي فعله!.. لأنني - وللأسف الشديد - عودتك على مقابلة إساءتك بالإحسان، وشدتك باللين، وقسوتك بالحنان طول الوقت، وكأن عصبيتك هذه أصبحت مرضًا مزمنًا ليس له علاج، وعليَّ أن أقبله وأتعايش معه دون زجر أو ضجر!..
فصرتَ أنانيًا متبلد الإحساس، لا ترى سوى نفسك وحالك فقط، فلا مشاعري تراعيها، ولا آلامي تداويها، ولا رغبتي في الأمان والاستقرار النفسي تلبيها!..
وماذا بعد: يا مَن فضلتك على سائر الرجال وارتضيتك زوجًا وحبيبًا لأكمل معك مسيرة الحياة بحلوها ومرها، وخيرها وشرها.. أهذا هو المعروف الذي أمرك الله بأن تعاشرني وتعاملني به؟!.. أهذه هي المودة والرحمة والسكينة في رأيك؟!..
فاض كيلي، وما عدتُ أطيق إزعاجك وعصبيتك المفرطة التي سئمتها وضقت بها ذرعًا، ألست بشرًا ضعيفًا؟!.. أشعر وأتألم وأغضب وأنفعل مثلك ، ولي طاقة محددة من الصبر يصعب عليَّ تجاوزها؟!..
كان هذا هو لسان حال الكثير من الزوجات الشرقيات اللائي ترهقهن شدة عصبية أزواجهن وسرعة غضبهم وضيقهم الذي يؤثر سلبًا عليهن، ويزيد من ضغوطهن وإحباطاتهن الكثيرة الناجمة عن كثرة ما يكابدن ويواجهن من صعاب طول الوقت في الحياة...
وحتى تستطيع كل زوجة من هؤلاء التعامل مع عصبية زوجها وعلاجها مع مرور الوقت، أُوصي باتباع التالي:
أولاً: ينبغي أن تعلمي أن الشخص العصبي شخص ضعيف فاقد للثقة بالنفس، لا يستطيع التحكم في انفعالاته فيظهرها سريعًا دون تفكير في عواقبها.. لذا قال سيد البشر وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، رواه البخاري.
الشخص العصبي أيضًا في الغالب الأعم لا يتعمد إيذاء مشاعر الآخرين بل يفعل ذلك دون وعي منه، وينسى ذلك بسرعة لأنه وقت انفعاله يكون كمَن لا عقل له.
ثانيًا: اعرفي طبيعة شخصية ونفسية زوجك جيدًا، وتجنبي الحديث معه حينما يكون مُستفَزًا أو حزينًا أو متعبًا.
ثالثًا: كوني لبقة مريحة أثناء حوارك معه ولا تستفزيه أو تثيري غضبه، وقدريه واحترمي آراءه، ولا تصري على رأي يرفضه، فالإنسان العصبي يحتاج إلى مزيد من التقدير والاحترام.
رابعًا: إياك والتوتر والانفعال والبكاء والصراخ حينما يكون عصبيًا لأن مثل هذه الأمور تزيده عصبية وربما تؤدي به إلى الانفجار، حاولي التماسك والهدوء والجلد وقت انفعاله.
خامسًا: انصتي له جيدًا ولا تتجاهلي ما يقول، لأن إهمالك وعدم إنصاتك له في هذا الوقت يثير غضبه ويزيد انفعاله.
سادسًا: لا تعوديه على تنازلك الدائم وخضوعك ورضوخك له، حتى تسكتيه وتأمني شره، بل أجلي ما تريدين قوله لوقت لاحق يكون في حال أفضل.
سابعًا: عندما يهدأ بعد انفعاله ، لابد أن تشعريه بأنك حزينة ومتألمة دون أن تعاقبيه وتنفري منه، وأخبريه عندما يتسنى الحديث معه بهدوء بأن انفعاله هذا يؤرقك ويضغط عليك ، لأن كبتك الألم بداخلك طول الوقت يضر بصحتك وأعصابك، ويعطيه فرصة للتمادي في الخطأ، ظنًا منه أنكِ لا تتأثرين وستغفرين له دائمًا مهما فعل.
ثامنًا: ساعديه على علاج نفسه من الانفعال الزائد والغضب الشديد وأرشديه إلى أهم طرق تجنب الغضب والانفعال ومنها: الوضوء والصلاة والذكر والاستغفار وتغيير المكان ومحاولة البعد عن مسببات الغضب قدر الإمكان.
وأخيرًا.. عليكِ أيتها الزوجة المثابرة باحتواء زوجك العصبي وإظهار حبك وتقديرك له كثيرًا،واحرصي على الدعاء له بصلاح الحال، وراحة النفس والأعصاب وهدوء البال، وتمسكي بالصبر واحتسبي الأجر من الله عسى سبحانه أن يحدث بعد ذلك أمرا.