رجال دولة العراق الإسلامية كما أعرفهم ...!
كتب أبو دجانة الخرساني:
"رِجــــالٌ ليسوا مثل بقيّة الرجال ,
إن صناديد العرب الذين تغنت بشجاعتهم العرب أمثال "عنترة بن شداد" و "عمرو بن الود " , ليعتبروا طلاباً " أغبياء" في الصف الأول في مدرسة الرجولة التابعة لدولة العراق الإسلامية !
فعنترة كان يقاتل أعداءً بنفس درجة التسلح , سيف لسيف , رمح لرمح , درع لدرع...
أما رجال الدولة فيقارعون أقوى قوة مادية عرفها التاريخ البشري , بأسلحة لا تساوي عُشْر أسلحة أي جيش عربيّ نظامي ...فالفرق بين سلاح الأمريكان و سلاح المجاهدين كالفرق بين "النبّيطَة" و المدفع !
بالرغم من ذلك ...فهؤلاء الرجال علّموا الشّجاعةَ الشّجاعةَ و الرّجولةَ الرّجولةَ , حتى أصبحوا قبلة للكرامة و كعبة للفخار....
إن الموت عند هؤلاء الجبال الرواسي ليس إلا " المطلوب الأول أمنيا ً", تجدهم يطاردونه في الكمائن والغزوات , اسمه الحركي هو " الشهادة في سبيل الله " ...
يعلّقون سُوَرَه على الجدران :
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم .."
يُعلنون عن جائزة لمن يدلّ عليه :
" الدّال على الخير كفاعله "
إن سمعوا صوت إطلاق نار قالوا : هناك عرس !
و تجد الكل يتسابق ليكون العريس ,
حتى إن ترجل أحدهم زفّوه تحت زغاريت الكلاشنات و أهازيج الآر بي جي إلى الحور العين !
لا يحزنون بعده إلا كما تحزن الأم على فراق ابنتها العروس!
ينشدون في جلساتهم الشاعرية تحت ظلال النخيل :
" روض الجنان...صوت الحسان...
يدعوك يا شبل الزمان ...
حور الخيام... تاقت غرام ...و تقول هيا للأمام "
يحترقون شوقاً لأزواجهم المطهرة , و لا ينسونهن حتى بين صليات الرصاص :
و لقد ذكرتك و الرماح نواهل ** مني و بيض الهند تقطر من دمي
لديهم " فرط تحسّس" اتجاه القبور , لذا هم يكرهونها و يدعون الله ألا يجمعوا بها :
" اللهم لا تجعل لجسدي قبرا يضمه "
إذا أردت أن ترى كيف يقتل الموت غِيلةً فاقصد أرض العراق !
فهناك لديهم فرق للبحث عن الموت , تقتل أي شخص يحول بينهم و بينه !
يُسمونهم كتائب الاستشهاديين ,
و هناك سنّة جديدة سنّوها في تاريخ البطولات :
تسمى "الإقتراع على الموت ! "
الأمر لا يخيفهم كما يخيفنا نحن , فهو يسمون الموت " أحلى الحسنييْن" , لذا تجدهم يتسابقون إلى ذلك الأحسن..
أما الفائز بالقرعة , فتجده يركب شاحنة اللوري المفخخة و كأنه يركب أرجوحة !
تجده مسرورا مطمئنا , كأنه طفل بريئ يلهو بلعبة , اسمها " الموت" !
هكذا فعل رجال دولة العراق الإسلامية بالموت , فماذا تراهم يفعلون بأعدائهم !
يبقون يتمازحون مع الفدائي إلى آخر لحظة و كأن الأمر " سكيتش تمثيلي"
أحيانا حتى أنت تنسى رهبة المشهد ,
فتبدأ بالضحك معهم ,
إلى أن....
إلى أن تتحول الشاحنة إلى بركان ثائر من اللهب المتصاعد إلى السماء ,
و يبدأ المصور بالهتاف بصوت متحشرج :
" الله أكبر الله أكبر الله أكبر , اللهم لك الحمد "
و حادي الركب يُنشد :
" يا حواري الخلود ...قد أتاك الشهيد ...فافرشي الأرض وردا ...و امنحيه السعود"
فتختلط ضحكاتك ببكاءك , في لحظات متناقضة تقتحم أسوار العاطفة الإنسانية و تتجاوز خطوطها الحمراء ..
حينما يكون 99.99% من أمة محمد صلى الله عليه و سلم غاطّين في نوم عميق ساعة السّحر , تجدهم معتكفين في ثغورهم ينتظرون ساعة الصفر ....
و عندما ينادي أذان الفجر " الله أكبر " يتوضؤون بدمائهم و يصلون بأكفانهم ...فهذه عبادتهم..و هذه صلاتهم
عندما يتذكرون نكران الأمة لجهادهم ....عندما يتذكرون خذلانها لهم ..
, تجدهم كالأم الرؤوم يقولون :
" لا يَهُم , سيكبر طفلي يوما و يعرف قيمةَ أُمّه "
لا يدعون أبدا على أطفالهم " العاقّين "...بل يتخيرون أوقات الإجابة ليدعون ربهم :
" رب وفق أمتنا , رب انصر أمتنا ,
رب ارحم قومنا فهم لا يعلمون " "