رائعة من روائع الأدب العربي للشاعر رشيد أيوب
رشيد أيوب شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي ولد في بسكتنا (من قرى لبنان) و رحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات و انتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، و هو يتعاطى تصدير البضائع و عاد إلى قريته، فمكث أشهراً ثم هاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين و استمر إلى أن توفي و دفن في بروكلن كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر له (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و (أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928 و (هي الدنيا - ط) سنة 1939.
و ولَّى ما عَرَفْنَاهُ
وقَفْنا عندَ مرآهُ :: حيارَى ما عَرَفْنَاهُ
عَجِيبٌ في معانِيهِ :: غَرِيبٌ في مزاياهُ
لهُ سِرْبَالٌ جوَّابٍ :: غبارُ الدَّهْرِ غشَّاهُ
و وَجْهٌ لوَّحَتْهُ الشَّمْـ :: ـسُ غارتُ فيهِ عيناهُ
سألنا النَّاسَ: مَنْ هذا؟ :: فقالوا: يعلمُ اللهُ!
فلا ندري بما فيهِ :: و يسهو إنْ سألْناهُ!
كأنْ في صدرِهِ سِرٌّ :: و ذاكَ السرُّ ينهاهُ!
إذا ما جنَّهُ ليلٌ :: ترامتْ فيهِ نَجْوَاهُ
فيرعى النَّجْمَ إذ يبدو :: كأنَّ النَّجْمَ مغناهُ
تراهُ إنْ سرى بَرْقٌ :: تمنَّاهُ مطاياهُ
و إنْ أصغى لصَوْتِ النَّا :: يِ أشجاهُ و أبكاهُ
إذا أعطَيْتَهُ شيئًا :: أبتْ جدواكَ كفَّاهُ
و في الدنيا لأهليها :: حُطَامٌ ما تمنَّاهُ
ألا يا ساكني الدنيا :: تعالوا استنطِقوا فاهُ
سلوهُ ربَّما المسكينُ :: سوءُ الحَظِّ أقصاهُ!
فقالوا: إنَّهُ صَبٌّ :: و فرطُ الحبِّ أضناهُ
و قالوا: شاعرٌ يشكو :: فما تجديهِ شَكْوَاهُ
و قالوا: زاهِدٌ، لمَّا :: رأوْهُ عافَ دنياهُ
و منهمْ قال: درويشٌ :: غريبٌ ضاعَ مأواهُ
سألنَاهُ بلا جدوًى :: و ولَّى ما عَرَفْنَاهُ!