كتب الشيخ عبد المجيد الهتاري الريمي:
أيها الديمقراطيون كم عسى أن يسبح من غرق في البحر
جاء في كتب آداب القضاء أن أبا قلابة عرض عليه قضاء البصرة فهرب إلى الشام فقيل له لو توليت القضاء فعدلت فإنك عالم فقال ( كم عسى أن يسبح من غرق في البحر ) هذا الإمام كان يراد منه أن يحكم بشرع الله و يقضي بين الناس بكتاب الله و هو عالم و تقي و مؤهل للقضاء و لكنه خاف من طول الأمد و أن يضعف إيمانه بمخالطة أهل الدنيا و أهل الشبهات و الشهوات فكيف بمن طلب منه أو أراد أن يسبح في بحار الجاهلية و محيطاتها و مقصود من طلب منه السباحة أن يصبح خبيرا في توريط الأغبياء في تلك المحيطات ليتم الانقضاض عليهم و اسألوا الرشاد و الإصلاح أين وصلوا و كيف إيمانهم و استقامتهم و ولاءهم و براءهم قبل الدخول و كيفهم بعده بمدة و كلما طالت المدة يقل الزاد و تبعد المسافة عن الساحل و تبعد أسماع السابحين عن أصوات المنقذين و الناصحين و الموجهين و المرشدين.
فلله در السلف ما أفقههم، و لله درهم ما أتقاهم، كلامهم قليل و لكن علمه غزير، فهذه العبارة منهج في التعامل مع الفتن و الفساد و مختبر لمقدرة الإنسان على خوض بحار التغيير المتلاطمة فإن كان يمتلك عبارات و بواخر عملاقة و ناقلات كالجبال تواجه عواصف الأمواج المتلاطمة و هو مع هذا سائق خريت و عارف بطرق العبور، معه بوصلة السير اليقينية بحيث لا يتلفت إلى الظنون التي يسمعها من الركاب الحائرين الخائفين الذين يكثر كلامهم حين تشتد الأمور و الذين يقولون دعونا نجرب هذا الطريق و آخرون يقولون دعونا نجرب هذا الاتجاه و معه زاد سفره لنفسه و ناقلته و أمن من لصوص البحار و قطاع الطرق فيه و قد تحددت عنده مدة زمن العبور و حدد الهدف الذي ركب البحر من أجل الوصول إليه فمثل هذا إن سافر في البحر يمكنك أن تقول أنه قد أخذا ما يمكنه أخذه من العدد و العدد و مع هذا فالبحر غالب فكم غرقت فيه من بواخر عملاقة؟
و أما من يريد أن يقطع البحر المحيط سباحة بيده و رجله فالغرق مصيره و لا بد فيا أيها الديمقراطيون إلى أين الاتجاه و الطريق طويل مجهول الأبعاد و الاتجاهات إرجعوا إلى الساحل لعلكم تجدون فيه مرفأ لتستريحوا من تعب السباحة في بحر ليس في اتجاهه ساحل و لكن لا تحبون الناصحين الله يهديكم .
الشيخ عبد المجيد بن محمود الهتاري الريمي