كتب خالد غريب:


حرب العقول... أم حرب القلوب...

احد الدراسات الهامة التي قامت بها امريكا بعد تجربتها في افغانستان والعراق سابقا لوقف واحتواء التيارات الاسلامية وخصوصا الجهادية منها (المد الاسلامي بصفة عامة ) هو ما سمي دليل بيترايوس مكافحة التمرد ...(مكون من 200 صفحة باللغة الانجليزية )
ووضعه عدة خبراء متخصصين في المجال منهم عسكريين وباحثيين واساتذة في الجامعات الامريكية وخبراء من كافة انحاء العالم في التاريخ الاسلامي والتيارات الاسلامية .... واعد تحت اشراف الجنرال ديفيد بيترايوس قائد القوات الامريكية في الخليج سابقا ( وهو من كان يطلق عليه الجندي المثقف نظرا لحصوله على درجات علمية غير عسكرية معظمها عن التاريخ الاسلامي والحركات الاسلامية ) ومن ثم تم توليه افغانستان ثم رئيس السي اي ايه حتى تم اقالته على خلفية فضيحة جنسية فيما بعد

المهم

انه بالفعل تم اعتماد هذا الدليل وقد اعجب به اوباما وكان سببا في ترقية بيترايوس وتوليه رئاسة السي اي ايه وقتها بعد تغييرات جوهرية في الوزارات الامنية حينها قامت بها ادارة اوباما تبنيا للاستراتيجية الجديدة المنبثقة من هذا الدليل طالت وزير الدفاع ومعظم القيادات وكان قد تم البدء العمل بهذا الدليل في العراق 2005 واظهرت المؤشرات الامريكية نتائج ايجابية لهذا الدليل وامكن للامريكان لخروج من العراق واحتواء الاوضاع في افغانستان بشكل فاق استراتيجية بوش الصدامية العسكرية

الشاهد

ان اهم ما ورد في دليل بيترايوس لمكافحة التمرد هو فصل يسمى
كسر الارادة ... (وحرب العقول والقلوب)

وبالتأكيد وضعت محاور متعددة من يراقبها يظنها غير مرتبطة ببعضها الا انها كانت تسير وفق خطوط متوازية جميعها يصب في الوصول الى انماط التفكير العميقة لكافة التيارات الاسلامية بما فيها الجهادية نفسها بحيث يمكن توجيهها ذاتيا بما يخدم تلك المسارات حتى توضع ضمن الاطار الكلي للاستراتيجية الامريكية وقتها

وكان من اهم محاورها التشويه الدائم والقصف المكثف وغزارة الشائعات وقطع طرق التواصل بين التيارات الجهادية واختراق المسافات المكانية والزمنية بينها .... من جهة ومن جهة اخرى زرع جواسيس من نوع جديد ليس افرادا ولا حتى جماعات ..... بل دولا عربية كاملة بجميع مؤسساتها ....
وكان ذلك يتطلب اعادة رسم سياسات الدول في المنطقة المعلنة وبروز بعض الدول العربية وكأنها تميل الى الهوية والعقيدة والتي تجنح عادة الى تبني خيارات الشعوب والتفاعل مع فورانها وخيارات المقاومة والذي هو قريب الى مصطلح الجهاد بشكل او بآخر
ولا سيما ان هناك دولا في المنطقة مؤهلة تماما للقيام بهذا الدور لما لها من تاريخ ( حديث ) يوحي بتقارب بشكل ما من التيارات الاسلامية وخصوصا الجهاديية منها ( وتحديدا الايدولوجية السلفية الجهادية ) ان صح التسمية ....ويمكن ان يكون هذا التقارب بدأ ليس من الان بل ربما في عصر القاعدة الاول !!!

والمتابع للاحداث بشكل عميق قد يرى نتائج واقعية ملموسة الآن في المشهد لاستراتيجية بيترايوس طالت الكثير الا من رحم ربي

اما خلاصة قولي فيما سبق هو

ان كان دليل بيترايوس لمكافحة التمرد قد كانت له نتائج ملموسة في وقت ما ...اغرى اوباما لمحاولة استدعاءه مؤخرا في المنطقة وخصوصا ما سمي فيه بحرب العقول والقلوب
الا ان الشيئ الذي اغفله الدليل انه يمكن العبث بالعقول وهذا حقيقي لما وصلت اليه البحوث والدراسات بهذ الصدد والعقل جهاز مثله مثل باقي الاجهزة التي تخضع للتكنولوجيا الحديثة والدراسات النفسية وما شابه

الا ان القلوب .... فهي امر اخر

فهي بين يدي الرحمن يقلب فيها كيف يشاء ......

وحقا يمكنني القول بان دليل بيترايوس قد حقق نجاحات نسبية تلك النجاحات كانت تتناسب مع واقع التيارات الاسلامية ( والجهادية منها خصوصا ) على قدر العلاقة بين هيمنة العقل والقلب ( كل منهما على الآخر )

فكان الدليل يصيب بسهولة من زاد عنده هيمنة العقل على القلب ( وفقا للمعادلة السابقة )

وكان غير مؤثرا بالمرة على من كان متزنا في تلك المعادلة وفقا للفطرة العقائدية المنضبطة

والحقيقة ان المعادلة حساسة للغاية وصعبة ..... بالقدر الذي لا يجعلها مرتبطة باشخاص او تاريخ ما لشخص ما

بل بالتأكيد ستكون خاضعة الى الاصل الذي ذكرناه سابقا والخارج عن قدرات البحث المشار اليه وهو

ان القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيف يشاء

اذا اقترح على اوباما بعد تلك الاخفاقات الكبيرة للدليل مؤخرا وبعد الرجوع الى مجموعة الباحثين الذين كتبوه وعلى رأسهم الجنرال ديفيد بيترايوس
ان يعدل الفصل السابق
من
حرب العقول والقلوب
الى
حرب العقول فقط

المهندس خالد غريب

بقلم: #مصطفى__الشيخ