إِلَى أَيْنَ يَا قومي ؟؟ عبدالرحمن العشماوي
خجلت – و رب البيت- من حال أوطاني ~~ فلا الحرب أرضتني و لا السلم أرضاني
فلست أرى إلا وجوهاً كثيبة ~~ ولست أرى إلا صراعات إخوانِ
و لست أرى إلا خلافاً و فرقة ~~ أعدنا بِهَا أيام "عبس" و "ذبيان"
**** ****
رصاص و لكن فِي صدور أحبة ~~ و عزم، و لكن فِي موالاة عدوانِ
نسينا عَلَى عزف الشعاراتِ ديننا ~~ فلسنا إِلَى قاصِ و لسنان إِلَى دانِ
فكم ظالم يمشي إِلَى كل رغبة ~~ و كم من برئ جاثم خلف قضبانِ
و كم حرة صاحت أباه و لَمْ تجد ~~ يداً تحتميها من ذئاب و غربانِ
**** ****
أرى فِي الوجود الباسمات تجهماً ~~ و فِي نظرات القوم أغضاء حيرانِ
و يطعنني سهم الصديق فأنثني ~~ و فِي جسدي جرح و جرح بوجداني
**** ****
أخي .. مَا دها عينيك ، مَا عاد فيهما ~~ صفاء يشيع الأمن فِي قلبي العاني
أرى فِي الروابي الخضر جدباً يميتها ~~ و فِي نبعها الصافي رواسب أدرانِ
لقد كنت تبني صرح قوتنا معي ~~ فكيف غدوت الْيَوْم، تهدم بنياني
**** ****
ألا ليتني مَا عشت حَتَّى أرى يدي ~~ و قَدْ حملت سيفي تحاول خذلاني
ألا ليتني مَا عشت حَتَّى أرى فمي ~~ يردد لحناً ليس من جنس ألحاني
ألا ليتني مَا عشت حَتَّى أرى أخي ~~ يجرد فِي وجهي حساماً لعصيانِ
**** ****
فلسطين .. يَا جرحاً عميقاً يسوقني ~~ عَلَى درب آلامي إِلَى أرض لبنانِ
فلسطين ... يَا ريحانة مَا شممتها ~~ و يَا غادة عانت بِهَا كف شيطانِ
حلمت بِهَا، و الليل جاث فليتني ~~ أراها و نور الفجر يلثم شطاني
**** ****
ثلاثون عاماً .. مَا أرى الدهر مثلها ~~ ضياعاً، و إبحاراً إِلَى غَيْر عدوانِ
ثلاثون عاماً .. و الشعارات لَمْ تزل ~~ تفوح أكاذيباً، و تندى بخسرانِ
ثلاثون عاماً .. مَا فرحنا بفارس ~~ يخوض غمار الحرب من غَيْر خذلانِ
**** ****
علام تعادينا، وفيمَ خصامنا ~~ و نحن عَلَى أبواب تحرير أوطانِ
و حتام نبقى فِي صفوف أخيرة ~~ نسير وراء القوم فِي كل ميدانِ
نجر عباءات الصمود، و حالنا ~~ يدل عَلَى ذل و يوحي بخذلانِ
و نرفع أعلام الوفاء و مَا نرى ~~ وفاء ، و لكنا نرى كل نكرانِ
نقبل أيدي الغاصبين تزلفا ~~ و خوفاً... و ننسى أننا أهل قرانِ
**** ****
إِلَى أَيْنَ يَا قومي؟ و قَدْ حف دربنا ~~ بشوك، و زقوم، و تدبير شيطانِ
إِلَى أَيْنَ؟ مَا عادت تسيغ نفوسنا ~~ دعايات كذاب، و رايات خوانِ
**** ****
إِلَى أَيْنَ؟ مَا عادت تروق لمثلنا ~~ نداءات عدنان، و صيحات قحطانِ
إِلَى أَيْنَ يَا قومي؟ فإن طريقنا ~~ طريق إباء فِي النفوس و إيمانِ
**** ****
طريق مضى فيه الرسول و صحبه ~~ فما قنعوا إلا بتحطيم أوثانِ
مضوا و ظلام الشرك فِي كل بقعة ~~ يبثون نور الله فِي كل وجدانِ
و مَا رجعوا .. غلا و للحق دولة ~~ تضاءل فِيهَا ملك فرس و رومانِ
بيقين مشى فِي كل قلب فهزه ~~ و غربله من كل شك و كفرانِ
و ركن نفوس الناس من كل زلة ~~ فأصبح للإنسان إحساس إنسانِ
**** ****
أولئك من دانت لهم كل بقعة ~~ أتوها .. و مَا دانوا لبغيٍ و طغيان
أضاؤوا بنور الله شرقاً و مغرباً ~~ و مَا سلكوا درباً عَلَى غَيْر تبيان
إِلَى أَيْنَ يَا قومي؟ فهذا طريقنا ~~ و لَك طريق غيره، درب خسرانِ
إِذَا فقد الإنسان صدق انتمائه ~~ و أضحى بلا قلب فليس بإنسان
***** *****