كتب طلعت عبد السلام الخطابى :
و ما زالوا يفسرون الماء بعد جهد بالماء !
بسم الله الرحمن الرحيم
قد اهتممت مؤخرًا بالتحليل السياسى ، ومحاولة ضبطه
عن طريق إبراز بعض القواعد المنهجية من الناحية الشرعية
وقد كتبت بعض المقالات التى تصب فى هذا الشأن منها :
( التحليل السياسى .. رؤية شرعية ) ، ومقال : ( بل هم
العملاء .. ) ، وبعض المنشورات الصغيرة التى حاولت فيها جاهدًا
التذكير والتعريف بهذه القواعد ، وذلك أننى أدركت خطورة
الأخطاء فى التحليل السياسى .. خاصة عندما يتعلق الأمر بالمجاهدين
طليعة الأمة الإسلامية وحماة بيضتها ، وبعد أن تحالف طواغيت الشرق
والغرب ضد الدولة الإسلامية ظننت أن الأمر سيختلف عند من لا زال
عنده بقايا دين وعقل من هؤلاء الغوغاء المتصدرين للحديث بالباطل
عن الدولة الإسلامية وتوظيف عداوتهم وبغضائهم للدولة الإسلامية فى
هذه التحاليل التى أقل ما يقال فيها أنها نتاج عقول أدمن أصحابها
( الأفيون ) .. بل إن الإنسان ليصاب بالغثيان من هذه التحليلات
التى أقام أصحابها صروحًا من الأوهام المزعجة على غير برهان
متين .. يقول الله تعالى: ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )
، ولكن هيهات فإننا نخاطب أقوام لا يفهمون معنى البرهان .. فمن
يستجيب ؟! .. إن شهوة الكلام تجعل المرء الجاهل بحقائق الأمور
أن يُعمل خياله بغير حجة وبرهان ، وإلا فمن أين سيأتى بكلام
حول ما يجهل ؟! .. أو أنه يتلقى ( حبة ) من الوقائع حتى يشيد
منها ( قبة ) من التعميمات .. كما يقول جوردن ألبورت –
عالم النفس- : ( ما نكاد نتلقى ( حبة ) من الوقائع حتى نشيد
منها ( قبة ) من التعميمات ) !
ولكن وعلى الرغم من هذه الحملة الشرسة على الدولة الإسلامية
من قبل التحالف الصهيونى الصليبى العربى ..فإن الدولة الإسلامية تبهر
العدو قبل الصديق بهذا الصمود القوى وهذه الروح المعنوية والقتالية
العالية أمام هذه الحملة الشرسة ، ولذلك فإن ريح هذه الحملة سيذهب
عاجلا أو آجلا بإذن الله ، ولا قيمة لهذه الحملة .. كما أنه لا قيمة
لكلام هؤلاء المحللين المزعومين من الناحية العملية أو العقلية ، وكلام
هؤلاء لا يعدو أن يكون من قبيل ( تفسير الماء بعد جهد بالماء ) ،
ولو أخذنا مثالا لذلك فإننا نجدبعض هؤلاء المحللين يتهمون الدولة
بأنها ( خوارج ) وهى فى الحقيقة نتيجة لا مقدمة لها ! .. ثم بعد
ذلك يستدلون بهذه النتيجة العارية عن المقدمات الصحيحة اليقينية
على أن الدولة عندما تنتهى من قتال الكفار الأصليين فإنهم ( حتمًا )
سينتقلون لقتال المسلمين ! .. وهكذا صادروا على المطلوب أصلا
وهو .. هل الدولة خوارج أم لا ؟ ثم جعلوا النتيجة ( مقدمة )
ولو دققنا النظر لوجدنا أنهم فى الحقيقة يجهدون أنفسهم فى تفسير
الخوارج بالخوارج ! .. حيث أن النتيجة التى جعلوها ( مقدمة – أنهم خوارج )
هى فى الحقيقة = قتل المسلمين واستباحة دمائهم .. فلا حاجة
لاستنتاج قتلهم للمسلمين لأنهم استنتجوا نفس المعنى مسبقًا
وهو أنهم ( خوارج ) ! ، ولكن أين البرهان اليقينى على المطلوب
وهو هنا إثبات أنهم خوارج يقينا ؟ لا يوجد برهان ولا شىء
إنما هو الظن والشك ، وقد ابتلينا بهؤلاء الذين لا يفرقون بين
اليقين والظن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولكن الخلاصة من هذا أن لا قيمة لأقوالهم لأنها لا تصلح
إلا أن تكون مادة طازجة للمدمنين على الأفيون والحشيش
وكل ما يذهب العقل بعيدا عن الواقع !
طلعت عبد السلام الخطابى